كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبَرٍ اقْتَرَعُوا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ وَاسْتَوَوْا فِي مَرَاتِبِ الْإِمَامَةِ وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ مَطْلُوبُهُمْ حِيَازَةَ فَضْلِ الْإِمَامَةِ لَا لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُمْ مِنْ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ فُسَّاقٌ

. (ص) وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِسُجُودٍ أَوْ رُكُوعٍ بِلَا تَأْخِيرٍ لَا لِجُلُوسٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا وَجَدَ الْإِمَامَ سَاجِدًا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ يُرِيدُ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يَرْفَعَ وَكَذَلِكَ يُكَبِّرُ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ رَاكِعًا تَكْبِيرَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْإِحْرَامِ وَالْأُخْرَى لِلرُّكُوعِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ. وَأَمَّا إذَا وَجَدَهُ جَالِسًا فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ثُمَّ يَجْلِسُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ بِلَا تَأْخِيرٍ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ " بِلَا تَأْخِيرٍ " ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ مَالِكٌ وَلَا يَرْفُقُ فِي مَشْيِهِ لِيَقُومَ الْإِمَامُ لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . (ص) وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ. (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ الْجُلُوسَ الَّذِي فَارَقَهُ مِنْهُ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَخِيرَتَيْ الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَافَقَ مَحَلَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ؛ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ جُلُوسِهِ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَقَدْ رَفَعَ بِتَكْبِيرٍ جَلَسَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ هَذَا فِي غَيْرِ مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَمَّا هُوَ فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ فِي ثَانِيَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ مُدْرِكُ السُّجُودِ الْأَخِيرِ وَيُقَيَّدُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ " إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ " بِمَا إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ وَأَمَّا مَا دَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ وَغَيْرِهَا مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ " ثَانِيَتِهِ " أَيْ: ثَانِيَةِ نَفْسِهِ لَا إمَامِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " ثَانِيَةٍ " بِدُونِ الضَّمِيرِ وَالْأُولَى أَوْلَى

. (ص) وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا أَدْرَكَ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَامَ لِإِكْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاضِيًا فِي الْأَقْوَالِ بَانِيًا فِي الْأَفْعَالِ، وَالْقَضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَالْبِنَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ. وَالْمُرَادُ بِالْأَقْوَالِ الْقِرَاءَةُ خَاصَّةً وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَقْوَالِ فَهُوَ بَانٍ فِيهِ كَالْأَفْعَالِ فَلِذَا يَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ فَإِنْ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ قَنَتَ فِي فِعْلِ الْأُولَى عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَهُ كُلٌّ مِنْ الْجُزُولِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: إنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْأُولَى وَلَا قُنُوتَ فِيهَا إلَخْ " فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي يُقْضَى هُوَ الْقِرَاءَةُ فَقَطْ

. (ص) وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ الصَّفِّ إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ لِآخِرِ فُرْجَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثَالُ النَّقِيضِ كَمَا إذَا قُلْت: الْمَوْجُودُ إمَّا قَدِيمٌ أَوْ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَمِثَالُ الْمُسَاوِي: الْمَوْجُودُ إمَّا قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَطْلُوبُهُمْ حِيَازَةَ فَضْلِ الْإِمَامَةِ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَشَاحُحُهُمْ لِلتَّقَدُّمِ فِي الْوَظِيفَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْفَقْرِ وَيُقَدَّمُ بِهِ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يَرْفَعَ) أَيْ: فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا أَخَّرَ دُخُولَهُ فِيهِ كَالتَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ الْأَخِيرَ، وَهَلْ وُجُوبًا لِلنَّهْيِ عَنْ إيقَاعِ صَلَاةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ نَدْبًا. (قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يَنْتَظِرُهُ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشُكَّ فِي الْإِدْرَاكِ فَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَرْكَ إحْرَامِهِ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ) مُسَلَّمٌ أَنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ فِي الرُّكُوعِ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا فِي السُّجُودِ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي السُّجُودِ مَكْرُوهٌ بِقَيْدِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ: أَوْ رُكُوعٍ. لَكَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُطْلَبُ تَكْبِيرُهُ لِلسُّجُودِ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَأَوْلَى الرُّكُوعُ. (فَائِدَةٌ) تَقْدِيمُ الْغَيْرِ فِي الطَّاعَاتِ وَالْخَيْرِ لَا يَنْبَغِي كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْإِمَامَةِ فَيَرَى مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَيُقَدِّمُهُ لِلْإِمَامَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي بَلْ يَتَقَدَّمُ بِنَفْسِهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: وَيُكَبِّرُ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ رَفَعَ بِتَكْبِيرٍ) أَيْ: مِنْ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ سَنَدٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ أَنَّهُ يَقُومُ هُنَا أَيْضًا بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُدْرِكُ السُّجُودِ) الْمُرَادُ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً. (قَوْلُهُ: فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ وَغَيْرِهَا) مِثَالُ ثَانِيَتِهِ مَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّ ثَانِيَتَهُ الثَّالِثَةُ فَيُكَبِّرُ فِي قِيَامِهِ مِنْهَا أَيْ: مِنْ ثَالِثَةِ الْإِمَامِ الَّتِي هِيَ ثَانِيَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَيُكَبِّرُ فِي ثَانِيَتِهِ أَيْ: فِي قِيَامِهِ مِنْ ثَانِيَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا ذَهَبَ إلَى الْقَضَاءِ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَقْوَالِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى الْقَضَاءِ فِيهِمَا وَالشَّافِعِيُّ إلَى الْبِنَاءِ فِيهِمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ خَبَرُ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرُوِيَ فَاقْضُوا. فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِرِوَايَةِ فَأَتِمُّوا وَأَبُو حَنِيفَةَ بِرِوَايَةِ فَاقْضُوا وَمَالِكٌ بِكِلْتَيْهِمَا لِقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ جُمِعَ فَجَعَلَ رِوَايَةَ فَأَتِمُّوا فِي الْأَفْعَالِ وَرِوَايَةَ فَاقْضُوا فِي الْأَقْوَالِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ أَدْرَكَ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ فَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَجْلِسُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَعَلَى مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ فِيهِمَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَعَلَى مَا لِمَالِكٍ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي الْفِعْلِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ أَيْضًا جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ.
(قَوْلُهُ: فَلِذَا يَجْمَعُ إلَخْ) فَلَوْ قُلْنَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تُقْضَى لَاقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ عب.

(قَوْلُهُ: دُونَ الصَّفِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَكَعَ. (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ) أَيْ: الصَّفِّ.

الصفحة 46