كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 2)

فِي قِرَاءَتِهِ إلَى كَذَا أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْإِمَامُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ. وَقَوْلُهُ " وَقَرَأَ " أَيْ: نَدْبًا قَالَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ حَيْثُ قَرَأَهَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ الصَّلَاةُ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعِيدَ لِلْفَاتِحَةِ شَخْصٌ آخَرُ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ. وَقَوْلُهُ " وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ " أَيْ: وُجُوبًا

. (ص) وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ. (ش) أَيْ: وَصِحَّةُ الِاسْتِخْلَافِ بِإِدْرَاكِ الْمُسْتَخْلَفِ قَبْلَ الْعُذْرِ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ وَهُوَ مَا قَبْلَ تَمَامِ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الرَّأْسِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَمَا قَبْلَهُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ. وَقُلْنَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا وَاسْتَمَرَّ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ لِمَا بَعْدَهَا وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِإِدْرَاكِهِ مَا قَبْلَ تَمَامِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا وَهُوَ الْقِيَامُ وَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ إدْرَاكِ مَا قَبْلَهَا.
(ص) وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأَوْلَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ. (ش) أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ حَقُّهُ أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ " وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ " عَلَى قَوْلِهِ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ " كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ بِالْأُولَى اهـ.
وَقَالَ بَعْضٌ: لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ نَقْصًا وَتَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا صَدَرَ مِثْلُهُ مِنْ مُخَرِّجِ مُبْيَضَّةِ الْمُؤَلِّفِ اهـ.
وَنَحْنُ نَشْرَحُ عَلَى مَا صَوَّبَ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ دُونَهُ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا فَالْحَذْفُ بَعْدَ " وَإِلَّا " وَالتَّقْدِيمُ هُوَ قَوْلُهُ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَى صَحَّتْ " فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ " وَالتَّأْخِيرُ هُوَ قَوْلُهُ " وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ " فَإِنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ قَبْلَ قَوْلِهِ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ " فَقَوْلُهُ " وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ دُونَهُ " أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ فَاتَهُ رُكُوعُهَا إمَّا بِأَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الرَّفْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَإِنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ فَلْيُقَدِّمْ هُوَ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ وَتَمَادَى بِالْقَوْمِ فِي سُجُودِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاعْتِدَادِهِمْ بِذَلِكَ السُّجُودِ وَعَدَمِ اعْتِدَادِهِ هُوَ بِهِ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فَهُوَ كَمُتَنَفِّلٍ أَمَّ مُفْتَرِضًا فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ دُونَهُ أَيْ: دُونَ صَلَاتِهِ فَلَا تَبْطُلُ أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا فَعَلَ الْإِمَامُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا كَانَ يَأْتِي بِهِ مَعَ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَالَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِحُرْمَةِ التَّكْرِيرِ مُطْلَقًا أَيْ: وَلَوْ مِنْ شَخْصَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ) الْمُرَادُ يَدْخُلُ قَبْلَ التَّمَامِ مَا إذَا انْحَنَى الْإِمَامُ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَعَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ أَوْ فِي حَالِ رَفْعِهِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ فَاسْتِخْلَافُهُ صَحِيحٌ أَوْ يَدْخُلُ فِي ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَحْصُلُ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ دُخُولِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ رَفْعِهِ وَيَسْتَخْلِفُهُ وَيَأْتِي بِالرُّكُوعِ مِنْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ السُّجُودِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا أَحْرَمَ فِي حَالِ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الِانْحِنَاءِ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ أَنْ انْحَنَى مَعَهُ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ فِي حَالِ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ وَقَوْلُهُ: فَمَا قَبْلَهُ أَيْ: أَوْ مَا قَبْلَهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ ثُمَّ انْحَنَى مَعَهُ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَ الرَّفْعِ وَمَا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَقَبْلَ انْحِنَائِهِ أَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ الْمَأْمُومُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ مَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ قَبْلَ الْعُذْرِ وَلَوْ فِي حَالِ شُرُوعِهِ فِي الرَّفْعِ وَيَأْتِي الْمُسْتَخْلَفُ بِالرُّكُوعِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ فَلَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ يَنْحَنِيَ مَعَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الِانْحِنَاءَ سَوَاءٌ اطْمَأَنَّ فِيهِ فِي حَالِ انْحِنَاءِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُدْرِكَ الِانْحِنَاءَ وَلِذَا قَالَ عج: اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى لِلْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ أَوْ غَيْرَهَا وَعَقَدَهَا هُنَا بِتَمَامِ الرَّفْعِ فَإِنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ أَدْرَكَهَا مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَهُ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ فِي بَاقِيهَا وَلَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ مَا قَبْلَهَا فَمَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهِ وَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ فِي حَالِ سُجُودِهَا بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهَا وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِمَا يَلِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِي بَقِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مِنْ بَقِيَّتِهَا لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَهُمْ يَعْتَدُّونَ بِهِ فَاقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ كَاقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا) بَلْ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ سُجُودَهَا وَأَدْرَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ وَإِلَّا) لَيْسَ لِلَفْظَةِ إلَّا دَخْلٌ فِي التَّفْرِيعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَنْ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَقُلْ حَقُّهُ كَذَا بَلْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ يَسْتَحِيلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: صَدَرَ مِثْلُهُ) مِثْلُ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) الْقَبْلِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ أَيْ: بِأَنْ أَحْرَمَ فِي حَالَةِ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِهَا أَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ كَانَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَثَلًا ثُمَّ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يُحْدِثْ وَصَارَ بِاسْتِخْلَافِهِ كَأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَذْهَبْ. قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ.

الصفحة 53