كتاب اللباب في علل البناء والإعراب (اسم الجزء: 2)

حجّة الأوَّلين أنَّ اللامَ حرفُ جرٍّ داخلةٌ للتَّعليل وَهِي الَّتي تدخلُ على المفعولِ لَهُ وحرفُ الجرِّ لَا يعملُ فِي الْفِعْل فتُضْمَر أنْ ليصيرَ الفعلُ مَعهَا فِي تَقْدِير الِاسْم فتدخلَ اللامُ عَلَيْهِ وَلذَلِك يجوزُ أَن تظهر أنْ مَعهَا كَقَوْلِك جِئْتُ لأنْ تُكْرِمَني
واحتجَّ الْآخرُونَ من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أنَّها بِمَعْنى كي وكي تعملُ بِنَفسِهَا فَكَذَلِك مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا
وَالثَّانِي أنَّ جَعْلَها جارَّةً يفسُدُ من جِهَة دُخُولهَا على الْفِعْل وَتَقْدِير أنْ لَا يصحح ذَلِك
أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن تَقول أمَرْتُكَ تُكْرمَ زَيْداً تريدُ بِأَن تكرمَ زيدا فيتعيَّن أنْ تكونَ هِيَ الناصبة
وَالْجَوَاب عَن الأول من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن كي حرفُ جرٍّ أَيْضا وأنْ بعْدهَا مضمرةٌ فَلَا فَرْقَ بَينهمَا
وَالثَّانِي يُسْلِم إِلَى أنَّ كي تنصِبُ بِنَفسِهَا وَلَكِن لمَ تكون اللامُ كَذَلِك واتفاقهما فِي الْمَعْنى يُوجب اتحادهما فِي الْعَمَل أَلا ترى أنَّ أنَّ الناصبة للاسم مثل أَن الناصبة للْفِعْل الْمُسْتَقْبل فِي الْمَعْنى إِذْ كلّ واحدةٍ مِنْهُمَا مصدريّة يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا وَلم يلزمْ من ذَلِك اتحادُهما فإنَّ تلكَ تختصُّ بالأسماء حَتَّى لَو وقعَ الْفِعْل

الصفحة 39