كتاب اللباب في علل البناء والإعراب (اسم الجزء: 2)

بعْدهَا مُخَفّفَة لم تعْمل بِخِلَاف أَن الْخَفِيفَة وَلذَلِك استُعْمِلت اللامُ معَ صَرِيح الْمصدر وَلم تُستعمل كي مَعَه وإنْ كَانَا سَوَاء فِي الْمَعْنى
وأمَّا الْفرق بَينهَا وَبَين الْبَاء فلأنَّ اللاَّمَ تدلُّ على غَرَض الْفَاعِل وَمَا من فَاعل إلاَّ وَله غرضٌ فِي الْفِعْل وليسَ كلُّ فعلٍ يكونُ لَهُ سببٌ تسْتَعْمل الْبَاء مَعَه فلمَّا كَثُرَ استعمالُ اللَّام جازَ أنْ تُحذفَ أنْ لظهورِ مَعْنَاهَا كَمَا كَثُرَ حذفُ رُبَّ مَعَ الْوَاو وَالْبَاء فِي الْقسم وحذفٌ لَا فِي جَوَابه
فصل

وتُضمَرْ أنْ بعد الْوَاو فِي قَوْلك لَا تأكلِ السَّمَكَ وتَشْرَبَ اللبنَ إِذا نهيتَه عَن الْجمع ونَصْبُه عِنْد الْكُوفِيّين على الصَّرْف وَهُوَ معنى الْخلاف
حُجَّةُ الأوَّلين أنَّ الْوَاو هُنَا ليستْ عاطفةً فِي اللَّفْظ لأنَّ ذَلِك يُوجبُ كونَ النَّهي عَن كلِّ واحدٍ مِنْهُمَا وَعَن الْجمع بَينهمَا وَذَلِكَ يُوجب جزم الثَّانِي فَإِذا لم تُرِدْ هَذَا الْمَعْنى عَدَلْتَ إِلَى تقديرٍ يصحُّ مَعَه هَذَا الْمَعْنى وَذَلِكَ بإضمارِ أنْ ليصير الْمَعْنى لَا تأكلِ السَّمَكَ مَعَ أنْ تَشْربَ اللَّبنَ لأنَّك تريدُ لَا يُجْمَع بَينهمَا وَالْوَاو ومعَ تفيدان الْجمع ولكنْ لَا يصحّ ذَلِك إلاَّ مَعَ أنْ لأنَّ الواوَ لَا تعْمل بِنَفسِهَا كَمَا أنَّ معَ لَا تُضاف إِلَى الْفِعْل ومذهبُ الْكُوفِيّين مبنيِّ على النصب على الْخلاف وَقد بَينا فَسَاده

الصفحة 40