كتاب لطائف الإشارات = تفسير القشيري (اسم الجزء: 2)
أولى من القيام بباب الله تعالى، قال تعالى فيما ورد به الخبر: «أنا جليس من ذكرنى» «1» .
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (9) : آية 6]
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6)
إذا استجار المشرك- اليوم- فلا يردّ حتى يسمع كلام الله، فإذا استجار المؤمن طول عمره من الفراق- متى يمنع من سماع كلام الله؟ ومتى يكون فى زمرة من يقال لهم:
«اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ «2» » .
وإذ قال- اليوم- عن أعدائه: «فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ» فإن لم يؤمن بعد سماع كلامه نهى عن تعرضه حيث قال: «ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» - أترى أنه لا يؤمّن أولياءه- غدا- من فراقه، وقد عاشوا اليوم على إيمانه ووفائه؟! كلا.. إنه يمتحنهم بذلك، قال تعالى: «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» «3» .
ثم قال: «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ» فإذا كان هذا برّه بمن لا يعلم فكيف برّه بمن يعلم؟
ومتى نضيّع من ينيخ ببابنا ... والمعرضون لهم نعيم وافر؟!
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (9) : آية 7]
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) .
__________
(1) جاء فى الرسالة ص 111 قال محمد الفراء سمعت الشبلي يقول: (أليس الله تعالى يقول:
أنا جليس من ذكرنى؟ ما الذي استفدتم من مجالسة الحق؟) .
(2) آية 108 سورة المؤمنون.
(3) آية 103 سورة الأنبياء.
الصفحة 9
658