كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 2)

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ) .

جَامِعُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْخُرُوجِ مَعَ النَّاسِ إلَى جِنَازَتِهِ لِكَرَاهِيَةِ خُرُوجِهِنَّ إلَى الْجَنَائِزِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ خُرُوجُ النِّسَاءِ فِي الْجَنَائِزِ، وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ نَوَائِحَ وَلَا بِوَاكِي فِي جِنَازَةِ الْخَاصِّ مِنْ قَرَابَتِهِنَّ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ مَنْعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُوَسِّعُ لِلنِّسَاءِ فِي الْخُرُوجِ مَعَ الْجَنَائِزِ وَجْهُ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَدْ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ قَدِيمًا وَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إلَّا فِي الْأَمْرِ الْمُسْتَنْكَرِ وَجْهُ رِوَايَةِ الْكَرَاهِيَةِ مَا رُوِيَ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ» وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا.
وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْإِبَاحَةِ إبَاحَةُ الْخُرُوجِ لَهُنَّ إلَى الْمَسَاجِدِ وَهَذَا خُرُوجٌ إلَى صَلَاةٍ سُنَّ لَهَا الْبَرَازَةُ كَالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ فَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ وَمَنْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ فَلْتَخْرُجْ عَلَى الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَتْبَعُ جِنَازَةَ وَلَدِهَا وَوَالِدِهَا وَمِثْلِ زَوْجِهَا وَأُخْتِهَا مِمَّنْ يَخْرُجُ مِثْلُهَا عَلَى مِثْلِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُرِيدُ بِذَلِكَ عِنْدِي قُرْبَ الْقَرَابَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيُكْرَهُ أَنْ تَخْرُجَ الشَّابَّةُ لِجِنَازَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَبْسُوطِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّابَّةَ خُرُوجُهَا فِتْنَةٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا فَلَا تَخْرُجُ فِي الْمَحَافِلِ إلَّا فِي الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا لِتَدْعُوَ لَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِذَلِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ الدُّعَاءَ خَاصَّةً فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي صَلَاةَ النِّسَاءِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَهَذَا الَّذِي يَقْتَضِيه مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُصَلِّي النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَائِزِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ يَصِحُّ أَنْ يَفْعَلَهَا الرِّجَالُ فَصَحَّ أَنْ يَفْعَلَهَا النِّسَاءُ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهَا النِّسَاءُ دُونَ الرِّجَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِمَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا يُرِيدُ أَنْكَرُوا عَلَيْهَا إدْخَالَ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَازَةُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي مَنْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا لِضِيقِ الْمَوْضِعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ مَوْضِعًا يَخْتَصُّ بِهَا وَلَا يُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ فَجَازَ أَنْ تُفْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَّا مَنْعُ إدْخَالِ الْمَيِّتِ الْمَسْجِدَ فَإِنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَسْجِدِ وَامْتِهَانٌ لَهُ لِئَلَّا يَتَفَتَّقَ فَيَسِيلَ مِنْهُ مَا يُؤْذِي الْمَسْجِدَ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ طَاهِرٌ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ نَجِسٌ فَلَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لِنَجَاسَتِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا مَا أَسْرَعَ النَّاسَ يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ مَا أَسْرَعَهُمْ إلَى الْإِنْكَارِ وَالْعَيْبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ مَا أَسْرَعَ نِسْيَانَهُمْ لِحُكْمِ مَا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ تُرِيدُ إلَى الطَّعْنِ وَالْعَيْبِ قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ يَعْنِي مَا أَسْرَعَ مَا نَسُوهُ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا «مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» تُرِيدُ بِذَلِكَ الْحُجَّةَ لِمَا أَنْكَرُوهُ وَيُحْتَمَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُصَلَّى وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَالْجِنَازَةُ خَارِجُ الْمَسْجِدِ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ مَنْ أَنْكَرَ إدْخَالَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ قَالَ الدَّاوُدِيُّ تَمْضِي الصَّلَاةُ وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ) (ش) : مَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي

الصفحة 18