كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 2)

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ يُسَلِّمُ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيه) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لَا يُصَلِّي الرَّجُلُ عَلَى الْجِنَازَةِ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ) .

(ص) : (مَالِكٌ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ أَنْ صَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا وَأُمِّهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ تَأْتِيَ جِنَازَةٌ قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ هَذَا نَوْعٌ مِنْ تَرْتِيبِ الْجَنَائِزِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ أَنْ يُقَدَّمَ مُسْتَحَقُّ الْفَضِيلَةِ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ وَيُجْعَلُ غَيْرُهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهِيَ الْجِهَةُ الَّتِي تَبْعُدُ عَنْ الْإِمَامِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلُوا صَفًّا وَاحِدًا، وَيَقُومُ الْإِمَامُ وَسَطَ ذَلِكَ فَيُجْعَلُ مُسْتَحَقُّ الْفَضِيلَةِ هَذَا الْإِمَامَ وَيُجْعَلُ غَيْرُهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَصِبْيَانٍ وَنِسَاءٍ وَأَحْرَارٍ وَعَبِيدٍ فَإِنَّهُ يَلِي الْإِمَامَ الْأَحْرَارُ مِنْ الرِّجَالِ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ الْأَحْرَارُ، ثُمَّ الرِّجَالُ الْعَبِيدُ، ثُمَّ النِّسَاءُ الْحَرَائِرُ ثُمَّ إنَاثُ الصِّبْيَانِ، ثُمَّ إمَاءُ النِّسَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَكَذَا قَالَ لِي مَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَضَائِلَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي النَّاسِ بِالْأَحْوَالِ وَالتَّقَدُّمِ هِيَ الذُّكُورَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ كَمَا أَنَّ النَّقَائِصَ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ الْأُنُوثَةُ وَالصِّغَرُ وَالرِّقُّ فَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مَنْ كَمُلَتْ لَهُ الْفَضَائِلُ وَسَلِمَ مِنْ النَّقَائِصِ وَهُوَ الذَّكَرُ الْحُرُّ الْبَالِغُ وَالْأُنُوثَةُ أَبْعَدُ مِنْ هَذَا مِنْ الصِّغَرِ وَالْعُبُودِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَزُولَانِ وَالْأُنُوثَةُ مَعْنًى ثَابِتٌ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ الصَّغِيرُ وَالْعَبْدُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَقُدِّمَ الصَّغِيرُ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ حَالًا؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ مِنْ صِغَرِهِ رُتْبَةُ الْحُرِّ الْبَالِغِ، وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ زَوَالِ هَذَا النَّقْصِ وَبُلُوغِ حَالِ الْكَمَالِ، وَالْعَبْدُ يُسْتَطَاعُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى حَسَبِ هَذَا يَتَوَجَّهُ تَرْتِيبُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يُسَلِّمُ سَلَامَ التَّحْلِيلِ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ شُرِعَ لَهَا تَكْبِيرٌ يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا بِتَسْلِيمٍ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيه يُرِيدُ مَنْ يَقْرُبُ مِنْهُ مِنْ الْمُصَلَّيْنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذْنٌ لَهُمْ بِتَمَامِ الصَّلَاةِ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى يُسِرُّ السَّلَامَ فِي نَفْسِهِ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ هَذِهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فِي جَمَاعَةٍ فَكَانَ مِنْ سُنَّةِ الْإِمَامِ الْإِعْلَانُ بِالسَّلَامِ مِنْهَا كَصَلَاةِ الْفَرْضِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا رُكْنٌ مُنْفَرِدٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُشْرَعْ فِيهِ الْإِعْلَانُ بِالسَّلَامِ كَسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ يَعْلَمُونَ بِحَالِ الْإِمَامِ بِانْصِرَافِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْمَأْمُومُونَ يُسَلِّمُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى الْإِعْلَانِ وَهَلْ يَرُدُّونَ عَلَى الْإِمَامِ أَمْ لَا رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَيْهِمْ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ غَانِمٍ أَنَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ وَلَا يَثْبُتُ فِي مَوْضِعِهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ غَانِمٍ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَشُرِعَ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الْإِمَامِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَيْنِ عَلَى جَهْرِ الْإِمَامِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا قُلْنَا يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالسَّلَامِ قُلْنَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجْهَرُ بِالسَّلَامِ وَلَمْ يَلْزَمْ الْمَأْمُومَ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : مَنْعُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إلَّا الشَّعْبِيَّ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا الطَّهَارَةُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ وَلَدَ الزِّنَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُوَالَاةُ لَا تَنْقَطِعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَكَيْفَ وَلَا ذَنْبَ لِوَلَدِ الزِّنَا فِي أَمْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إلَّا قَتَادَةَ فَقَالَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمُعْتَرَكِ فَوَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَوَلَدِ الرَّشْدَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا أُمُّهُ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْتَنِبَ

الصفحة 20