كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَهُ وَاسْتَوْفَى مَعْنَى الْهَدْيِ فِيهِ وَإِنَّمَا اسْتَهْلَكَ مِنْهُ جَزَاءً يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا اسْتَهْلَكَ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَأَمَّا نَذْرُ الْمَسَاكِينِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَكَلَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ هَدْيًا لِلْمَسَاكِينِ فَقَدْ نَذَرَ عِبَادَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا: لِلْهَدْيِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمَسَاكِينِ.
فَإِذَا أَهْدَى الْهَدْيَ فَقَدْ أَكْمَلَ إحْدَى الْعِبَادَتَيْنِ فَلَا يُفْسِدُهَا مَا أَدْخَلَ النَّقْصَ فِي عِبَادَةٍ أُخْرَى وَهَذَا قَدْ سَلِمَ لَهُ الْهَدْيُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ النَّقْصُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ الْهَدْيُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَكَلَ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ الْمَسَاكِينِ يَتَبَعَّضُ، وَلَيْسَ هَذَا مِثْلُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى، فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَصِحُّ وُجُودُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ فَلَا تَفْرِيعَ فِيهِ وَإِذَا قُلْنَا عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَكَلَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ ذَلِكَ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُرِيدُ لَحْمًا، وَاَلَّذِي قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا أَكَلَ طَعَامًا يَتَصَدَّقُ بِهِ.

الصفحة 319