كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

2425- عِيثِي جَعَارٍ
قَال أبو عمرو: يقَال للضبع إذا وقعت في الغنم أفْرَعْتِ في قَرَاري، كأنما ضِراري، "أردتِ يا جَعَار القرار: الغنم، وأفرعَ: أراق الدم، من الفرَع، وهو أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم، يُقَال: أفرَعَ القوم إذا ذبحوه، وقَال الخليل: لكثرة جعرها سُمِّيت جَعَار، يعني الضبعَ، قَال الشاعر:
فَقُلْتُ لَها عِيثِي جَعَارِ، وأبشِري ... بلَحْمِ امرئٍ لم يَشْهَدِ اليوم نَاصِرُه
قَال المبرد: لما أتى عبد الله بن الزبير قتلُ أخيه مُصْعب قَال: أشَهِدَه المهلَّبُ بن أبي صُفْرة؟ قَالوا لا، قَال: أفشهده عباد بن الحصين الحبطي؟ قَالوا: لا، قَالَ: أفشهده عبد الله بن حازم السلمى؟ قَالوا: لا، فتمثل بهذا البيت:
فقلتُ لها عِيثِي جَعَارِ وأبشري ...
2426- عَرَضَ عَلَيه خَصْلَتَي الضُّبُعِ
إذا خَيَّره بين خصلتين ليس في واحدة منهما خيار، وهما شَيء واحد، تقول العرب في أحاديثها: إن الضبع صادت ثعلباً، فَقَال، لها الثعلب: مُنِّى علىَّ أم عامر، فَقَالت: أخيرك بين خصلتين فاختر أيهما شَئت، فَقَال: وما هما؟ فَقَالت: إما أن آكلك، وإما أن أمزقك، فَقَال لها الثعلب: أما تذكرين يوم نكحتك؟ قَالت: متى؟ وفتحت فاها فأفْلَتَ الثعلب.
2427- عَلَى أََهْلِهاَ تَجْنىِ بَرَاقشُ
كانت بَرَاقشُ كلبةً لقومٍ من العرب، فأغير عليهم، فهَرَبُوا ومعهم بَرَاقش، فاتبع القومُ آثارَهُم بنُبَاح بَرَاقش، فهجموا عليهم فاصطلموهم، قَال حمزة بن بيض:
لم تكن عن جناية لَحِقَتْنِي ... لا يَساري ولا يَمينِي رَمَتْنِي
بل جَنَاها أخٌ عليَّ كريمٌ ... وعلى أهلها بَرَاقِشُ تَجْنِي
وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قَال: إن براقش امرَأة كانت لبعض الملوك، فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فَزِعوا دخَّنُوا فيه، فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فَدخَّنَّ فجاء الجند، فلما اجتمعوا قَال لها نصحاؤها: إنك إن رَدّدْتهم ولم تستعمليهم في شَيء ودخّنتهم مرة أخرى لم يأتِكِ منهم أحد، فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها، فلما جاء الملك، سَألَ عنْ البِناءَ فأخبروه بالقصة، -[15]- فَقَال: على أهْهِا [؟؟] تَجنىِ بَرَاقش، فصارت مَثَلاً وقَال الشرقي بن القطَامى: براقش امرَأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاما، فنزل مع لقمان في بني أبيها، فأولموا ونَحَرُوا الجزر، فراح بن براقش إلى أبيه بعرقَ من جزور، فأكله لقمان، فَقَال: يا بني ما هذا؟ فما تَعَرَّقْتُ قط طيباً مثله، فَقَال: جذور نَحَرَها أخوالي فَقَال: وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى؟ فَقَالت براقش: جَمِّلْنَا واجْتْمِلْ، فأرسلتها مَثَلاً، والجميل الشحْمُ المُذَاب، ومعنى جَمِّلْنا أي أطْعِمْنَا الجميل، واجْتَملْ: أي أُطْعم أنت نفُسك منه، وكانت براقش أكثر قومها إبلا فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفَعَلَ ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور، فقيل: على أهلها تجنى براقش يضرب لمن يعمل عملا يرجع ضرره إليه

الصفحة 14