كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

3033- كَفَى بِرُغُائِهَا مُنَادياً
قَال أبو عبيد: هذا مَئَلٌ مشهور عند العرب يضرب في قَضَاء الحاجة قبل سؤلها، ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نُصرتَه أوْمَعُوْنَتَهُ فلا يحضرك، ويعتلُّ بأنه لم يعلم، ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقَال: أرْسِلْ مَنْ يستأذن لك ويقول: كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذنا لي، أي قد علِم بمكاني فلو أراد أذِنَ لي.
3034- كَلاَّ زَعَمْتَ العِيرَ لا تُقَاتِلُ
يضرب للرجل قد كان أمِنَ أن يكون عنده شَيء، ثم ظهر منه غيرُ ما ظن به.
3035- كَالحَادِي وَلَيْسَ لَهُ بَعِيرٌ
يضرب لمن يَتشبَّع بما لا يملك، ومثله "عاط بغير أنْوَاطٍ".
3036- الكِلاَبَ عَلَى البَقَرِ
يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة، يعني لا ضَرَر عليك فَخَلِّهم.
ونصب "الكلاب " على معنى أرسل الكلاب. ويقَال "الكراب على البقر" هذا من قولك: كَرَبْتُ الأرضَ، إذا قلبتها للزراعة يضرب في تخلية المرء وصناعته
3037- كالثَّورِ يُضْرَبُ لمَّا عافَتِ البَقَرُ
عَافَ يَعَافُ عِيَافاً، إذا كره، كانت العرب إذا أوردوا البقرَ فلم تشرب لكَدَر الماء أو لأنه لا عَطَشَ بها ضربوا الثَّوْرَ ليقتحم البقرُ الماء، قَال نَهْشَل بن حَرِّيٍّ:
أَتُتْرَكُ دَارِمٌ وَبَنُو عَدِيِّ ... وتَغْرَمُ عَامِرٌ وَهُمُ بَرَاءُ
كَذَاكَ الثَّوْرُ يُضْرَبُ بِالهَرَاوَى ... إذَا مَا عَافَتِ البَقَرُ الظِّماءُ
وقَال أنس بن مُدْرِك:
إنِّي وَقَتْلِ سُلَيْكَاً ثُمَّ أعْقِلَهُ ... كالثَّورِ يَضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرَ
يعني أن سُليكاً كان يستحقَ القتلُ فلما قتلته طُولِبْتُ بدَمِهِ.
وقَال بعضهم: الثور الطُّحْلُبُ، فإذا كَرِهَ البقرُ الماء ضُرِب ذلك الثورُ ونُحِّيَ عن وجه الماء فيشرب البقر. يضرب في عقوبة الإنسان بذَنْب غيره
3038- كلُّ شَاةٍ بِرِجْلِهَا مُعَلَّقَةٌ
قَال ابن الكلبي: أولُ مَنْ قَال ذلك وَكِيعُ بن سلمة بن زهير بن إياد، وكان وَلِيَ -[143]- أمْرَ البيت بعد جُرْهُم، فبنى صَرْحاً بأسفل مكة عند سُوقَ الخَيَّاطين اليوم، وجعل فيه أمةً يُقَال لها حَزْورَة، وبها سميت حَزْوَرة مكة، وجعل في الصَّرح سُلَّما، فكان يَرْقَاهُ ويزعم أنه يناجي الله تعالى، وكان ينطقَ بكثير من الخبر، وكان علماء العرب يزعمون أنه صِدِّيقَ من الصِّديقين، وكان من قوله مُرْضِعَة أو فاطمة، ووادعة وقاصمة، والقطيعة والفجيعة، وصلة الرحم، وحسن الكلام، ومن كلامه: زعَمَ رَبكم ليجزين بالخير ثواباً، وبالشر عقاباً، إن مَنْ في الأرض عَبيدٌ لمن في السماء، هلكت جرهم وربلت إياد (ربلت إياد: كثرت ونمت وزادت)
وكذلك الصلاح والفساد، فلما حضرته الوفاة جمع إياداً فَقَال له: اسمعوا وصيتي، الكلم كلمتان، والأمر بعد البَيَان، من رَشَدَ فاتَبِعُوه، ومن غوَى فارفُضُوه، وكل شاة برجلها مُعَلَّقة، فأرسلها مَثَلاً، قَال: ومات وكيع فنعى على الجبال، وفيه يقول بشير بن الحجير الإيادي:
ونَحْنُ إيَادُ عبادُ الإلهِ ... وَرَهْط مُنَاجِيه في سُلَّمِ
وَنَحْنُ وُلاةُ حِجَابِ العَتِيق ... زَمَانَ النُّخَاعَ على جُرْهُم
يُقَال: إن الله سلط على جرهم داء يُقَال له النخاع، فهلك منهم ثمانون كهلاً في ليلة واحدة سوى الشبان، وفيهم قَال بعض العرب:
هَلَكتْ جُرْهُمُ الكِرَامُ فعَالاً ... وَولاَةُ البَنيِّةِ الحُجَّابُ
نُخِعُوا لَيلَةً ثَمَانُونَ كَهْلاً ... وشَبَاباُ كَفَى بهم من شَبَابِ

الصفحة 142