كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

2431- العُقُوقَ ثُكْلُ مَنْ لَمْ يَثْكَلْ
أي: إذا عَقَّه ولدُه فقد ثَكِلهم وإن كانوا أحياء، قَالَ أبو عبيد: هذا في عُقُوقَ الولد للوالد، وأما قطيعة الرحم من الوالد للولد فقولهم المُلْكُ عَقِيم يريدون أن المَلِكَ لو نازعه ولدُه المُلْكَ لقطع رحمه وأهلكه، حتى كأنه عَقيم لم يولد له.
2432- عَشِّ وَلا تَغْتَرَّ
أصل المثل فيما يُقَال أن رجلا أراد أن يُفَوِّزَ بإبله ليلا، واتّكَل على عشب يجده هناك، فقيل له: عّشِّ ولا تَغْتَر بما لست منه على يقين، ويروى أن رجلاً أتى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رحمهم الله تعالى، فَقَال: كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب، فكلهم قَال: عّشِّ ولا تّغْتَر، يقولون: لا تُفَرِّطْ في أعمال الخير وخُذْ في ذلك بأوثقَ الأمور، فإن كان الشأن على ما ترجو من الرُّخصَة والسَّعة هناك كان ما كسبت زيادةً في الخير، وإن كان على ما تخاف كنت قد احْتَطْتَ لنفسك
2433- عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً
قَالوا من حديثه: إن الحارث بن عُبَاد بن قيس بن ثَعْلَبة طلَّق بَعض نسائه من بعد ما أسنَّ وخَرِف، فخَلَفَ عليها بعده رجل كانت تُظْهر له من الوَجْدِ به مالم تكن تظهر للحارث، فلقي زوجُها الحارثَ فأخبره بمنزلته منها، فَقَال الحارث: عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً، فأرسلها مَثَلاً. قَال أبو الحسن الطوسي: يريد عِشْ رَجَباً بعد رجب، فحذف، وقيل: رجب كناية عن السَّنَة لأنه يحدث بحدوثها، ومن نَظَر في سنةٍ واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قَال: عِشْ دهراً تَرَ عجائب، وعيش الإنسان ليس إليه، فيصح له الأمر به، ولكنه محمول على معنى الشرط، أي: إن تَعِشْ تَرَ، والأمر يتضمن هذا المعنى في قولك: زُرْنِي أُكْرِمْكَ
2434- عَلَى مَا خَيَلَتْ وَعْثُ القَصِيْم
أي: لأركبَنَّ الأمرَ على ما فيه من الهول. والقصيم: الرملُ، والوعث المكان السهل الكثير الرمل تَغِيبُ فيه الأقدام، ويشقَ المَشْيُ فيه، وقوله "على ما خيلت" أي على ما شَبَهَتْ، من قولهم: فلان يمضي على المخَيَّلِ أي على ما خيلت أي على غَرَر من غير يقين والتاء في "خيلت" للوعث، وهو جمع وَعْثَة، "وعلى" من صِلَة فعل محذوف أي أمضي على ما خيلت.

الصفحة 16