كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

4207- نَعِمَ كلْبٌ في بُؤْسِ أَهْلِهِ
ويروى "نَعيمُ الكلب في بؤس أهله" (انظر المثل 4027"من استرعى الذئب ظلم")
وذلك أن الجدب والبؤس يكثر الموتى والجيف، وذلك نعيم الكلب.
يضرب هذا للعبد أو العون للقوم تصيبهم شدة فيشتغلون بها فيغتنم هو ما أصاب من أموالهم.
قَالَ الشاعر:
تَرَاهُ إذا ما الْكَلْبُ أنْكَرَ أهْلَهُ ... يُفَدَّى وَحِينَ الكلْبُ جَذْلاَنُ نَاعِمُ
يقول: يفدي هذا الرجل إذا أنكر الكلبُ أهله، وذلك إذا لبسوا السلاَح في الحرب، وإنما يفدي في ذلك الوقت لقيامه بها وغَنَائه فيها، ويفدَّى أيضا في حال الجدب لإفضاله وإحسانه إلى الناس ولنَحْره اُلجزُرَ فينعم الكلب في ذلك ويجذل.
4208- النَّبحُ مِنْ بَعِيدٍ أهْوَنُ مِنَ الهَرِيرِ مِنْ قَريبٍ
أي لاَ تَدْنُ من الذي تَخْشَى، ولكن احْتَلَ له من بعيد.
4209- انْطقِي يَا رَخَمُ إنَّكَ مِنْ طَيْرِ الله
يُقَال: إن أصله أن الطير صاحت، فصاحت الرَّخَم، فقيل لها يهزأ: إنك من طير الله فانطقي.
يضرب للرجل لاَ يُلْتَفَتُ إليه ولاَ يُسْمَع منه.
وليس من الطير شيء إلاَ وهو يُزْجَرُ إلاَ الرخم، قَالَ الكميت يهجو رجلاً:
أنشَأت تَنْطِقُ في الأمو ... ر كَوَافِدِ الرَّخَمِ الدوائر
إذ قِيلَ ياَ رَخَم انْطِقي ... في الطير إنك شَرُّ طائر
فأتَتْ بما هِيَ أهْلُهُ ... وَالعَىُّ مِنْ مِثْلِ المُحَاورْ
4210- نامَ نَومَةَ عبُّودٍ
قَالَ الشرقي: أصلُ ذلك أن عَبُّوداً هذا كان تَمَاوت على أهله، وقَالَ: اُنْدُبُونى لأعْلَمَ كيف تندبونني ميتا، فَندَبْنَهُ، ومات على تلك الحال. -[337]-
وقَالَ المفضل: قَالَ أبو سليم بن أبي شعيب الحَراني: إنه عَبْد أسود يُقَال له عَبُّود، وكان من حديثه - فيما يرفعه عن محمد بن كعب القرظي - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إن أول الناس دخولاً الجنة لَعَبْدٌ أسود يُقَال له عبود وذلك أن الله تعالى بعث نبيًّاً إلى أهل قرية، فلم يؤمن به أحد إلاَ ذلك الأَسود، وإن قومه احتفروا له بئراً فصيروه فيها، وأطبقوا عليها صخرة، فكان ذلك الأَسود يخرج فَيَحْتَطُبُ ويبيع الحطَبَ ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي تلك الحُفْرة فيُعينه الله عز وجل على تلك الصخرة فيرفعها ويُدْلي إليه ذلك الطعام والشراب.
وإن الأَسود احتطبَ يوماً ثم جلس ليستريح فضرب بنفسه الأَرض بشقه الأيسر، فنام سبع سنين، ثم هَبَّ من نومته وهو يرى أنه ما نام إلاَ ساعة من نهار، فاحتمل حُزْمته فأتى القرية فباع حطبه، ثم أتى الحفرة فلم يجد النبي فيها، وقد كان بَدَا لقومه فيه وأخرجوه، فكان يسأل عن الأَسود فيقولون: لاَ ندْرِي أين هو، فضرب به المثل لكل مَنْ نام يوماً طويلاً، حتى يُقَال: " أنْوَمُ من عَبُّود"

الصفحة 336