كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

4356- وُلْدُكِ مِنْ دَمِّي عَقِبَيْكِ
الوُلْد: لغة في الوَلَد.
حكى المفضل أن امرأة الطُّفَيل بن مالك ابن جَعْفر بن كِلاَب، وهي امرأة من بَلْقِين ولدت له عَقِيل بن الطُّفيل، فَتبنته كَبْشَة بنت عُرْوَة بن جعفر بن كلاَب، فقدم عقيلٌ على أمه يوماً فضربته، فجاءتها كبشة حتى منعتها وقَالَت: ابنى ابنى، فَقَالَت القينية: وُلْدُك - ويروى ابْنُك - مَنْ دَمَّي عِقَبَيْك، يعني الذي نُفِسْتِ به فأدمى النفاسُ عقيبك، أي من ولدته فهو ابنك، لاَ هذا، فرجعت كَبْشَة وقد ساءها ما سمعت، ثم ولدت بعد ذلك عامر بن الطفيل.
4357- وَجَدْتُ النَّاسَ اخْبُرْ تَقْلُهُ
ويجوز "وجدتُ الناسُ" بالرفع على وَجْه الحكاية للجملة، كقول ذى الرمة:
سَمِعْتُ الناسُ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً ... فَقُلْتُ لِصَيْدَحَ انْتَجِعي بِلاَلاَ
أي سمعت هذا القول، ومن نصب الناسَ نصبه بالأمر، أي اخْبُرِ الناسَ تَقْلُ، وجعل وجدت بمعنى عرفت هذا المثل، والهاء في "تقلُهْ" للسكت بعد حذف العائد، أعنى أن أصله أخْبُرِ الناسَ تَقْلُهُمْ، ثم حذف الهاء والميم، ثم أدخَلَ هاء الوقف، وتكون الجملة في موضع النصب بوجدت، أي وجدتُ الأمر كذلك.
قَالَ أبو عبيد: جاءنا الحديثُ عن أبى الدرداء الأَنصارى رضي الله عنه، قَالَ: أخرج الكلام على لفظ الأمر ومعناه الخبر، يريد أنك إذا خَبَرْتَهُمْ قَلَيْتهم.
يضرب في ذم الناس وسُوء مُعاشرتهم
4358- وَحْمَى وَلاَ حَبَلَ
أي أنه لاَ يذكر له شيء إلاَ اشْتَهَاه
يضرب للشَّرِه والحريص على الطعام، وللذي مالاَ حاجة به إليه
4359- وَجْهُ المُحَرِّشِ أقْبَحُ
يضرب للرجل يأتيك من غَيْرِك بما تكره من شَتْم، أي وَجْهُ المبلغ أقبح
4360- أوْسَعْتُهُمْ سَبّاً وَأَوْدَوْا بالإبل
يُقَال: "وَسِعَه الشيء" أي حاط به، وأوسَعْتُهُ الشيء، إذا جعلته يَسَعُه، والمعنى كَثَّرْتُه حتى وَسِعه، فهو يقول: كثرت سَبَّهُم فلم أدَعْ منه شيئاً.
وحديثه أن رَجُلاً من العرب أغيرَ على إبله فأخِذَتْ، فلما توارَوا صَعدَ أكَمَة وجعل يشتمهم، فلما رجع إلى قومه سألوه عن ماله، فَقَالَ: أوْ سَعْتُهُ سَبّاً وأودوا بالإبل، قَالَ الشاعر: -[364]-
وَصِرْت كَرَاعِي الإبل؛ قَالَ: تَقَسَّمَتْ فأوْدَى بِهَا غيري، وَأوْسَعْتُهُ سَبّاً
ويُقَال: إن أول من قَالَ ذلك كعب بن زهير بن أبي سُلْمى، وذلك أن الحارث بن وَرْقاء الصَّيْدَاوى أغار على بنى عبد الله بن غَطَفان، واستاق إبلَ زهير وراعيه، فَقَالَ زهير في ذلك قصيدته التي أولها:
بَانَ الخَلِيطُ ولَمْ يَأْوُوا لِمَنْ تَرَكُوا ... وَزَوَّدُوكَ اشتيِاقَاً، أيةً سَلَكُوا؟
وبعث بها إلى الحارث، فلم يردَّ الإبل عليه، فهجَاه، فَقَالَ كعب: أوْسَعْتُهم سَبّاً وأوْدَوْا بالإبل، فذهبت مثلاً.
يضرب لمن لم يكن عنده إلا الكلام.

الصفحة 363