كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

4370- وَجْدْتُ النَّاسَ إنْ قارضْتُهُمْ قارَضُوكَ،
هذا من كلام أبي الدرداء رضي الله عنه، وتمامه "وإن تركتهم لم يتركوك" المقارضة: يجوز أن تكون من القَرْضِ الذي هو الدَّين، وجُعِلَ ايتعارة للأفعال المقتضية للمجازاة، أي إن حسنت إليهم أحسنوا إليك، وإن أسأت فكذلك، ومعنى قوله "وإن تركتهم لم يتركوك" أي إن عَوَّدتهم الإحسان ثم فطمْتَهم لم يتركوك، يعني أنهم يلحون حتى تعود إليهم بالإحسان، ويجوز أن تكون المقارضة من القَرْض الذي هو القَطْع، أي إن نِلْتَ من أعراضهم نالوا من عرضك، وإن تركتهم فلم تنل منهم نالوا منك أيضاً لسوء دِخْلَتهم وخُبْث طباعهم، وسمى النيل من العرض قطعاً لأنه سبب القطع، والمثل في الجملة ذم لسوء معاشرة الناس ونهى عن مخالطتهم، وينشد في هذا المعنى:
وَمَا أنْتَ إلاَ ظالم وَابْنُ ظَالمٍ ... لأنَّكَ مِنْ أولاد حَوَّا وَآدَمِ
فإن كُنْتَ مِثْلَ النَّصْلِ ألْفَيتَ قَائِلاً ... ألاَ مَا لهذا النَّصْلِ لَيْسَ بِصَارِمِ
وإن كُنْتَ مِثْلَ القَدْحِ ألْفَيْتَ قائلاً ... ألاَ مَا لِهذا القِدْحِ لَيْسَ بِقَائِمٍ
4371- وَأمٌّ بِشِقٍّ أهْلُهُ جِيَاعٌ
الوَأم: البيتُ الثَّخِين من شَعْر أو وَبَر، وشق: موضع.
يضرب للكثير المال لاَ ينتفع به.
4372- الوحدةَُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيس السُّوءِ
قَالَ أبو عبيد: هذا من أمثالهم السائرة في القديم والحديث.
4373- أوْدَى بِهِ الأزلَمْ الجَذَعُ
يُقَال: الأزلم اسم للدهر، والجذع صفة له؛ لأنه لا يهرم أبدا، بل يتجدَّدُ شبابه.
يضرب مثلاً لما وَلَّى ويُئِس منه؛ لأن الدهر أهلكَه، قَالَ لَقيط بن يعمُر الإيادي:
يَا قَوْمِ بَيضَتكم لاَ تُفْضَحُنَّ بِهَا ... إنِّي أخافُ عَلَيْها الأزلم الجَذَعا
4374- وَقَعَ في رَوْضَةٍ وَغَدِيرٍ
يضرب لمن وقع في خصْب ودَعَة.
4375- أوْضَعْ بِنَا وَأَمِلَّ
الوضيعة: الحَمْضُ بعينه، وقوله أوضع بنا أي أرعِنَا الحْمْض، وأمِلَّ من الإملاَل، وهو الرعى في الخلة، يعني خذ بنا تارة في هذا وتارة في ذاك.
يضرب في التوسط حتى لاَ يسأم.

الصفحة 366