كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

4585- هَرِقْ لَهَ قَرْقَرْ ذَنُوباً
القَرْقَر: حَوْض الركيَّة
يضرب للرجل يستضعف ويغلب فيأتيه من يُعينه وينجيه مما هو فيه
4586- هُوَ يَشُوبُ وَيَرُوبُ
الشَّوْبُ: الخَلْط، والرَّأب: الإصلاَح، وأصله يَرْؤُب، ولكن قَالَوا يَرُوبُ لمكان يَشُوب.
يضرب للذي يخطيء ويصيب
قَالَ أبو سعيد الضرير: يَشُوب يدفع، من قولهم "فلاَن يَشُوبُ على أصحابه" أي يدافع، ويروب: من قولهم "راب يَرُوب" إذا اختلط رأيه، ورجل رائب ورَؤبان، وقوم رَوْبي
يضرب للرجل يَرُوب أحياناً فلاَ يتحرك وأحياناً ينبعث فيقاتل ويدافع عن نفسه وغيره ويروى "هو يَشُوب ولاَ يَرُوبُ"
قَالَ الأَصمعي، ومعناه يخلط الماء بالبن، أي يخلط بالكذب، ولاَ يروب لأنه خالط اللبن الماء لم يَرُبِ اللبن
4587- هُوَ السَّمْنُ لاَ يَخِمُّ
يُقَال: خَمَّ اللحمُ خُمُوماً؛ إذا انتنَ شوَاء كان أو طَبيخاً
وهذا المثل يضرب للرجل يثنى عليه بالخير، أي أنه حَسَنُ السجية، لاَ غائلة عنده، ولاَ يتلون ولاَ يتغير عما طبع عليه، قَالَت ابنة الخُسِّ ووصفت رَجُلاً: لاَ أريدهُ أخا فلاَنٍ ولاَ ابنَ عم فلاَن، ولاَ الظريف ولاَ المتظرف ولاَ السمن لاَ يخم، ولكن أريده حلوا مرا كما قَالَ:
أُمِرُّ وأحْلَوْلِى وَتِلْكَ سَجِيتِي ... ولاَ خير فيمَنْ لاَ يَمرُّ ولاَ يُحْلِي
4588- هِيَ الخَمْرُ تُكْنَى الطَّلاَءَ
يضرب للأمر ظاهرُهُ حسن وباطنه على خلاَف ذلك
4589- هذِهِ بِتْلكَ وَالبَادِى أظْلَمُ
قَالَوا: إن أول مَنْ قَالَ ذلك الفرزدق، وذلك أنه كان ذاتَ يوم جالسا في نادي قومه ينشدهم، إذ مر به جرير بن الخَطَفى على راحلة وهو لاَ يعرفه، فَقَالَ الفرزدق: من ذلك الرجل؟ فَقَالَوا: جرير ابن الخَطَفَى، فَقَالَ -[402]- لفَتىً: ائتِ أبا حَزْرة فقل له: إن الفرزدق يقول:
ما في حِرِامَّكَ إسْكة معروفةٌ ... للناظرين، وماله شَفَتَانِ
قَالَ: فلحقه الفتى فأنشده بيت الفرزدق، فَقَالَ جرير: ارجع إليه فقل له:
لكِنْ حِرَامِّكَ ذو شِفَاةٍ جَمَّةٍ ... مخضرة كَغَبَاغِبِ الثيران
(الغباغب: جمع غبغب، وهو اللحم المتدلى تحت الحنك، وهو الغبب أيضاً)
قَالَ فرجع الفتى فأنشده بيت جرير، فضحك الفرزدق، ثم قَالَ: هذه بتلك والبادي أظلم، والجالبُ للباء في قوله "بتلك" معنى الاَستحقاق، أي هذه المقَالَة مستحقة أو مجلوبة بتلك المقَالَة، ويجوز أن تسمى باء البدل، كما يُقَال: هذا بذاك، أي بَدَله، وقوله "والباَدي أظلم" جعله أظلم لأنه سببُ الاَبتداء والجزاء، ويجوز أن يكون أفعل بمعنى فاعل كما قَالَ
(قائله الفرزدق، وصدره قوله: إن الذي سمك السماء بنى لنا")
بيتاً دَعَائمه أعَزُّ وأطوَلُ ...
أي عزيزة طويلة

الصفحة 401