كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

4638- يَا عَاقِدُ اذْكُرْ حَلاَ
ويروى "ياحامل" فإذا قلت "ياعاقد" فقولك حَلاَ يكون نقيضَ العقد، وإذا رويت "ياحامل" فالحل بمعنى الحُلُول يُقَال: حلَّ بالمكان يَحُلُّ حَلاَ وحُلُولاَ وَمَحَلاَ، وأصله في الرجل يشد حمله فيسرف في الاستيثاق حتى يضر ذلك به وبراحلته عند الحلول.
يضرب مثلاً للنظر في العواقب.
ومن هذا فعل الطائي الذي نزل به امرؤ القيس بن جُحْر، فهمَّ بأن يغدر به، فأتى الجبل، فَقَالَ: ألاَ إن فلاَناً غَدَرَ، فأجابه الصَّدَى بمثل ما قَالَ، فَقَالَ: ما أقبحَ تا، ثم قَالَ: ألاَ إن فلاَنا وَفَى، فأجابه بمثل ذلك، فَقَالَ: ما أحسنَ تا، ثم وفى لامرئ القيس، ولم يغدر به، وفي الحديث مرفوع
"ما أحْبَبْتَ أن تَسمَعَه أذُناك فاتهِ، وما كَرِهْتَ أنْ تَسْمَعَهُ أُذُنَاكَ فاجْتَنِبْهُ"
4639- يَا طَبيبُ طِبَّ لنَفْسِكَ
يُقَال: ما كُنتَ طَبيباً ولقد طَبَبْتَ تَطِبُّ طِبّاً فأنتَ طَبٌّ وطَبَيب.
يضرب لمن يَدَّعِى علما لاَ يحسنه.
وكان حقه أن يقول: طِبَّ نَفْسَكَ، أي عالجها، وإنما أدخل اللام على التقدير طب لنفسك داءها، ويجوز أن يُقَال: أراد عَلِّمْ هذا النوع من العلم لنفسك إن كنت ذا علم وعقل؛ فعلى هذا تكون اللام في موضعها.
4640- يَا مَاءُ لَوُ بِغَيرِكَ غَصِصْتُ
يضرب لمن دُهِىَ من حيث ينتظر الخَلاَصَ والمعونة.
4641- يَا عَبْرَى مُقْبلَةً وَسَهْرَى مُدْبِرَة
قَالَ أبو عبيدة: هذا من أمثال النساء، إلاَ أن أبا عبيدة حكاه.
يضرب للأمر يكره من وجهين.
وعَبْرَى: تأنيث عَبَرَان، وهو الباكي، وكذلك سَهْرِى تأنيث سَهْرَان وهو الأَرِقُ يخاطب امرأة.
4642- يَاضُلَّ ما تْجْرِى بِهِ العَصَا
قَالَه عمرو بن عَدِيٍّ لما رأي العَصَا وهى فرس جَذِيمة وعليها قصير، والمنادى في قوله "يا" محذوف، والتقدير: يا قوم ضُلَّ، أراد ضَلُلَ بالضم، وهي من أبنية التعجب، كقولهم "حبَّ بفلاَن" أي حَبُبَ، معناه ما أحَبَّه إليَّ، ثم يجوز أن تخفف العين، -[412]- وتنقل الضمة إلى الفاء، فيُقَال حُبَّ، ومنه
قوله:
[هَجَرَتْ غَضُوبُ] وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ
ويجوز أن تنقل، والضلاَل: الهلاَك، يُقَال: ضَلَّ اللَّبَنُ في الماء؛ إذا غلبه الماء وأهلكهُ، ومعنى المثل: يا قوم ما أضَلَّ - أي ما أهْلَكَ - ما تجرى به العصا، يريد هلاَك جَذِيمة.

الصفحة 411