كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

2727- في رَأْسِهِ خُطَّةٌ
الخطة: الأمر العظيم.
يضرب لمن في نفسه حاجة قد عزم عليها والعامة تقول: في رأسه خطية.
2728- في رَأْسِهِ نُعَرَةٌ
هي الذباب يدخل في أنف الحمار. يضرب للطامح الذي لا يستقر على شَيء.
2729- في وَجْهِ المَالِ تَعْرِفُ إمْرَتَهُ
أي نَماءه وخيَره، يُقَال: أَمِرَتْ أموالُ فلانٍ تَأمَرُ أمْراً، إذا نَمَتْ وَكَثُرَت وكُثُر خيرها.
يضرب لمن يُسْتَدَل بحسن ظاهره على حسن باطنه.
قلت: قد أورد الجَوْهَري إمْرَتَهُ بسكون الميم، وكذلك هو في الديوان، وأورد الأزهري إمَّرَتَهُ بتشديد الميم، وكذلك أبو زيد وغيرهما، قَال الأزهري: وبعضهم يقول أمْرَتَهُ من أَمِرَ المال أمْراً.
2730- فَتَلَ في ذُرْوَتِهِ
الذُّرْوَة: أعلى السَّنام، وأعلى كل شَيء أصل فَتْلَ الذَّروة في البعير هو أن يَخْدَعه صاحبهُ ويتلطف له بفَتْل أعلى سَنامه حكّاً ليسكن إليه فيتسلقَ بالزمام عليه، قَاله أبو عبيدة ويروى عن ابن الزبير أنه حين سأل عائشة رضي الله عنها الخروجَ إلى البصرة أبَتْ عليه، فما زالَ يَفْتِلُ في الذُّرِوة والغَارب حتى أجابته.
الذروة والغَارِبُ واحد، ودخل "في" على معنى تصرف فيه بأن فَتَلَ بعضه دون بعض، فكأنه قيل: فتل بعضَ ما في ذروته، قَال الأَصمَعي: فَتَلَ في ذروته أي خَادَعَه حتى أزاله عن رأيه.
يضرب في الخداع والمماكرة
2731- أفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقْنِ
أفلت: يكون لازماً ويكون متعدياً، وهو هنا لازم، ونصب "جريعة" على الحال، كأنه قَال: أفلت قاذفاً جريعة، وهو تصغير جُرْعَة، وهي كناية عما بقى من روحه يريد أن نفسه صارت في فيه وقريباً منه كقرب الجرعة من الذقن، قَال الهُذْلى:
نَجَا سَالِمٌ والنَّفسُ مِنْهُ بِشِدِقِه ... ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرَا
قَال يونس: أراد بجفن سيف ومئزر، وقَال الفراء نصبه على الاستثناء، كما تقول: ذهب مال زيد وَحَشَمُه إلا سعداً وعبيدا، ويقولون: أفلت بجُرَيْعةِ الذَّقن، وبجريعاء الذقن وفي رواية أبي زيد "أفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ" وأفلت على هذه الرواية يجوز أن -[70]- يكون متعدياً، ومعناه خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازماً، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفْلَتَنِي أفلَتَ مني فحذف "من " وأوصل الفعل، كقول امرئ القيس
وأفْلَتَهُنَّ عِلْبسَاءٌ جَرِيضَاً ... وَلَوْ أدْرَكْتُهُ صَفِرَ الِوطَابُ
أراد أفلت منهن، أي من الخيل، وجريضا: حال من علباء، ثم قَال "ولو أدْرَكْنَه" أي الخيل لصَفِرَ وطابه: أي لمات، فهذا يدلّ على أن "أفلتني" معناه أفلت مني، وصغر "جريعة" تصغير تحقير وتقليل؛ لأن الجُرعة في الأصل اسمٌ للقليل مما يُتَجَرَّع كالحُسْوة والغُرْفة والقُدْحة وأشباهها، ومنه "نَوقَ مجاريع" أي قليلات اللبن، ونصب جريعة على الحال، وأضافها إلى الذقن، لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوقَ الروح، والتقدير: أفلتني مُشْرِفاً على الهلاك، ويجوز أن يكون جريعة بدلاً من الضمير في أفْلَتَني، أي أفلت جريعةَ ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في "الذقن" بدلاً من الإضافة كقول الله عز وجل (ونهى النَّفْس عَن الهَوى) أي عن هواها، وكقول الشاعر:
وآنُفُنَا بين اللَّحَى وَالحواجب ...
ومن روى "بجريعة الذقن" فمعناه خَلَّصني مع جُرَيَعْة كما يُقَال: اشترى الدار بآلاتها، مع آلاتها.

الصفحة 69