كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

2793- أَفْرَخَ القَوْمُ بَيْضَتَهُمْ
إذا أَبْدُوا سرَّهم، وأفرخ: لازم ومتعدٍّ تقول في اللازم: ليُفْرِخْ روعُكَ، أي ليذهب فزعك، وأفرخ الطائرُ، إذا خرج من البيضة، وتقول في المتعدي: أفْرِخْ رَوْعَك، أي سَكِّنْ جَأشَكَ، ومعنى أفرخَ القومُ بيضَتَهم أَخْلَوْا بيضتهم وفَرَّغُوها كما يُفَرِّغها الفرخ، حين خرج منها، جعلوا خروج السر وظهورَه منهم بمنزلة ظهور الفرخ من البيضة.
2794- فِي دونِ هذَا مَا تُنْكِرُ المَرْأَةُ صَاحِبَهَا
قَالوا: إن أول مَنْ قَال ذلك جارية من مُزَينة، وذلك أن الحَكَم بن صَخْر الثَّقَفِي قَال: خرجت منفرداً، فرأيت بإمَّرَةٍ - وهي مَوْضِع - جاريتين أختين لم أر كجَمَالهما وظَرْفهما، فكسوتهما وأحسنت إليهما، قَال: ثم حَجَجْت مِن قابل ومعي أهلي، وقد أعْتَلَلْتُ ونَصَلَ خِضابي، فلما صِرْتُ بإمَّرَة إذا إحداهما قد جاءت فسألت سُؤَال منكرةٍ، قَال: فقلت: فلانة؟ قَالت: فِدىً لك أبي وأمي، وأنى تعرفني وأنكرك؟ قال: قلتُ: الحكم بن صخر، قَالت: فِدىً لك أبي وأمي، رأيتُكَ عامَ أولَ شابَّاً سُوقَةً، وأراك العامَ شيخاً ملكا، وفي دون هذا ما تنكر المرأةُ صاحبَهَا، فذهبت مَثَلاً، قَال: قلت: ما فعلَتْ أختُك، فَتَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاء وقَالت: قَدِمَ عليها ابنُ عم لها فتزوجها وخرج بها، فذاك حيث تقول:
إذا ما قَفَلْنَا نَحْوَ نَجْدٍ وَأَهْلِهِ ... فحَسْبِى مِنَ الدُّنْيَا قُفُولىِ إلَى نَجْدِ
قَال: قلت: أما إني لو أدركتها لتزوجتها، قَالت: فِدَىً لك وأبي وأمي ما يمنعك من شريكتها في حَسَبها وجَمَالها وشقيقتها؟ قَال: قلت: يَمْنَعُني من ذلك قول كُثَيْر:
إذا وَصَلَتْنَا خُلَّةٌ كَىْ تُزِيلَهَا ... أبَيْنَا وَقُلْنَا: الحَاجِبِيَّةُ أوَّلُ
فَقَالت: كُثَير بيني وبينك، أليس الذي يقول: -[83]-
هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إلاَّ وَصْلُ غَانِيَةٍ ... فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِها خَلَفُ
قَال الحكم: فتركت جَوَابها وما يمنعني من ذلك إلا العِىّ.

الصفحة 82