كتاب مجمع الأمثال (اسم الجزء: 2)

2860- قَدْ أَفْرَخَ رَوْعُهُ
أي ذهب عنه خَوْفُه.
قَال الأزهري: كلُّ مَنْ لقيتُه من أهل اللغة يقوله بفتح الراء، إلا ما أخبرني به المنذرى عن أبى الهيثم بضم الراء، قَال: ومعناه خَرَجَ الرَّوْعُ من قلبه، قَال: والرَّوْعُ في الرُّوعِ، كالفَرْخ في البيضة.
(أي والخوف في قلبه كالفرخ في البيضة)
قلت: بعض هذا قد مضى في باب الفاء، فإذا قيل "أفْرَخَ رَوْعُه، وأورُعُه" جاز أن يكون على مذهب الدُّعَاء، وعلى معنى الخبر أيضاً، فإذا قلت "قد أفرخ" لا يصلح أن يكون للدعاء.
2861- قَرُبَ طِبٌّ
ويروى "قَرُبَ طِبَّا" وهو مثل "نِعْمَ رَجُلاً" وأصل المثل - فيما يُقَال - أن رجلا تزوج امرَأة، فلما هديت إليه وقعد منها مقعد الرجال من النساء قَال لها: أبكر أنتِ أم ثيب؟ فَقَالت: قَرُبَ طِبٌّ، ويقَال أيضاً في هذا المعنى: أنتَ عَلَى المُجَرَّبِ، أي على التجربة، و"على" من صلة الإشْرَافِ، أي مُشْرف عليه قريبٌ منه ومن علمه.
2862- قَدْ صَرَّحَتْ بِحِلْذَانَ
هو حِمىً قريبٌ من الطائف لين مُسْتَوٍ كالراحة لا خَمَرَ (الخمر - بالتحريك - ما واراك من شجر أو غيره) فيه يتوارى به.
يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد.
وقد مر ما ذكر فيه من الخلاف
2863- قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِى عَيْنَينِ
بَيَّنَ هنا: بمعنى تَبَيَّنَ
يضرب للأمر يظهر كلَّ الظهور.
2864- قَدْ سِيلَ بِهِ وَهْوَ لاَ يَدْرِى
ويقَال أيضاً "قد سال به السيل" يضرب لمن وقع في شدة
2865- اقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخٍ، ثمَّ شُدَّ بَعْدُ أرْخِ
قَال المازنى: أكثر الشجر ناراً المَرْخُ ثم العفَار ثم الدَّفْلَى.
قَال الأحمر: يُقَال هذا إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجل فاحش، فلم يَلْبَثَا أن يقع بينهما شر.
وقَال ابن الأعرابى: يضرب للكريم الذي لا يحتاج أن تكدَّه وتُلِحَّ عليه
2866- القَيْدُ وَالرَّتْعَةُ
قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك عمرو -[100]- ابن الصَّعِقَ بن خُويلَد بن نُفَيل بن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر من هَمَدان أسَرُوه فأحْسَنُوا إليه ورَوَّحُوا عنه، وقد كان يوم فارقَ قومه نحيفاً، فهربَ من شاكر، فبينما هو بقئ من الأرض إذا اصطاد أرنباً فاشتواها فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئبٌ فأقْعَى غيرَ بعيدٍ فنبذ إليه من شِوَائِه، فولَّى به، فَقَال عمرو عند ذلك:
لقَدْ أوعَدَتْنِى شَاكِرٌ فَخَشِيتُهَا ... ومن شعب ذي همدان في الصدر هَاجِسُ
ونَارِ بِمَوْمَاةٍ قَليل أنيسُها ... أتاني عَلَيهَا أطْلَسُ اللَّوْنِ بَائِسُ
قَبَائِل شَتَّى ألَّفَ الله بينَهَا ... لَهَا حَجَفٌ فَوْقَ المَنَاكِبِ يَابِسُ
نَبَذْتُ إليهِ حِزَّةً مِنْ شِوَائِنَا ... فَآبَ وَمَا يَخشى عَلَى مَنْ يُجَالِسُ
فَوَلَّى بِهَا جِذْلاَنَ يَنْفَضُ رَأسَهُ ... كَمَا آضَ بِالنَّهْبِ المُغَيرُ المخَالِسُ
فلما وصل إلى قومه قَالوا: أي عَمْرو خرجت من عندنا نحيفاً وأنت اليوم بَادِن، فَقَال: القَيْد والرَّتْعَة، فأرسلها مَثَلاً، وهذا كقولهم "العز والمَنَعة" و "النجاة والأمنة"

الصفحة 99