كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وهذا المعنى ليس من اختراعاته، وقد ذكرته في سرقاته، وما جاء في معناه لغير واحد من الشعراء.
وقال:
أهلوك أضحوا راحلاً ومقوضا ... ومزمماً يصف النوى ومغرضا (1)
المقوض: الذي يقوض البيوت، ويقتلعها للرحيل (2)، ومزمماً يصف النوى: الذي يزمم الإبل والأزمة، [والمغرض] (3) يشدها بالغرض.
وهو كالحزام للفرس.
وهذا ابتداء صالح.
وقال أيضاً:
تحمل عنه الصبر يوم تحملوا ... وعادت صباه في الصبا وهي شمأل (4)
قال ذلك لأن الصبا: ريح تحبها العرب محبتها للجنوب؛ لأنها ريح لينة عذبة، وقد تجلب المطر في بعض أقطار الأرض كما تجلبه الجنوب، قال امرؤ القيس:
راح تمريه الصبا ثم انتحى ... منه شؤبوب جنوب منفجره (5)
فأراد أن صباه -أي ريحه في الصبا التي كانت تولف له ما يهواه ويحبه مع من يحبه- عادت شمالاً؛ لأن الشمال في أكثر نواحي الأرض لا تولف السحاب؛ بل تمحقه وتشينه، كما قال:

الصفحة 11