كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

قيل: هذا غلط من التأويل؛ لأنه قال: «به علة صماء للبين لم تصخ لبرء»، فأوجب بهذا القول أن حبه باق غير منصرم.
وإذا كان لم يبرأ حبه من امرأة أولى، فكيف يقف صحبه على معاهدها وفيهم امرأة أخرى يهواها، وقد طالبها سنة، وهي تعده، وذكر أنها أوصت خيالها [به] (1)، وأنه حران هذا محال، لم يكن الحب إلا لهذه المرأة ذات الكلة [رحم الله غفلته].
وقوله: «نضو العيس» لطول السفر، و «نضو الخرائد»، يعني الخيالات.
ولله در أبي عبادة إذ يقول:
لو تسعفين وما سألت مشقة ... لعدلت حر جوى ببرد رضاب (2)
ولئن شكوت ظماي إنك للتي ... قدماً من السراب شرابي (3)
وعتبت من حبيك حتى إنني ... أخشى ملامك أن أبثك ما بي (4)
وقال البحتري:
إذا راجعت وصلاً على طول هجرة ... تراجعت شيئاً من بلاي إلى سقمي (5)
وقد زعمت أن سوف تنحج ما وأت ... وظني بها الإخلاف في ذلك الزعم (6)
خليلي ما لي لا شفاء من الجوى ... ولا نعم مرجوة النجح من نعم (7)

الصفحة 129