كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وقال [آخر]:
ألا يا حمام الشعب من غيضة اللوى ... ردي الماء لا تؤخذ عليك الكظائم (1)
حمائم قد أبلتني وقتلنني ... كأن لم يهم قبلي من الناس هائم
وذكر هذا أنهن (2) أبلينه وقتلنه فما وجه الإنكار على أبي تمام قوله: «فإنهن حمام»؟.
فإن قيل: إنما أراد هؤلاء الشعراء إماتة الحب، وقتل الحب الذي هو التذليل والتتيم، ولم يريدوا القتل الذي هو الإتيان على النفس، ولا الموت الوحي [والحمام] (3) ليس من هذا في شيء؛ وإنما قدر الموت المقدور، وقضاؤه المحتوم، يقال: قد حم الأمر إذا قضى وقدر، قال «الراعي»:
* وما حم من قدر يقدر (4) *
قيل: إذا استعمل الموت على المجاز فقضاء الموت، وقدره أيضاً يستعمل على المجاز؛ لأنك إذا قلت على المجاز: في هذا الأمر إذا ارتكبته قتلى، أو موتى قلت أيضاً على المجاز: في هذا الأمر حمامي، وقد ذكر الحمام على الوجه كما ذكر الموت والقتل، فقال [الفزاري:
* وأوردني يوم العذيب حمامي *
ولم يمت يوم العذيب، ومثله كثير موجود] (5).
وأما إنكارهم قوله (6): «فإن بكاءها ضحك» وقولهم: إن الحمامة

الصفحة 147