كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)
وهذا من أقبح ما يكون من الكلام، وأهجن (1) ما يكون من المعاني، وأبعد ما تكلفه أهل الاستعارة من الأغراض.
يقول: ولو علم الدهر طيب هذه الليلة لجعلها ثغراً له مراصد.
والمراصد: مواضع الحرس.
وقوله: تناغى، يريد حراس المراصد، يخاطب بعضهم بعضا، وينذر واحد آخر، وأصل المناغاة: الكلام الرخيم الخفي، مثل مناغاة الصبي.
وربما فعل ذلك أهل المراصد المتقاربة: يوحي بعضهم إلى بعض، وينبه بعضهم بعضاً على ما يتخوفونه ويتوقعونه، يقول: فلو علم الدهر طيب هذه الليلة لجعلها ثغراً يحرسه من أن تلحقه آفة أو جائحة تزيله وتبطله.
وهذا مما ينبغي أن تسمعه وتضحك منه، كما أن جيده يسمع ويعجب منه، ومن أجل هذا التفاوت العظيم في شعره تفاوت الناس في التعصب له والتعصب عليه، فما ينبغي أن يقبح إحسانه (2)، ولا أن تحسن إساءاته.
الصفحة 166
375