كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وقال أبو تمام:
تولوا فولت لوعتي تحشد الأسى ... علي، وجاءت مقلتي وهي تهمل (1)
بذلت لهم مكنون دمعي فإن ونى ... فشوقي على أن لا يجف موكل
وهذا جيد بالغ.
وأجود منه وأحسن قوله:
فكاد شوقي يتلو الدمع منسجماً ... إن كان في الأرض شوق فاض فانسجما (2)
ولم يذهب ههنا إلى نحو ما ذهب إليه البحتري في قوله:
إن الدموع هي الصبابة فاطرح ... بعذ الصبابة تسترح بهمولها (3)
وإنما ذهب إلى أنه بكى لشدة شوقه وغلبته حتى كاد شوقه يفيض بفيض الدمع.
وقال في علي بن الجهم (4):
هي فرقة من صاحب لك ماجد ... فغدا إذابة كل دمع جامد (5)
فافزع إلى ذخر الشئون وعذبه ... فالدمع يذهب بعض جهد الجاهد
وإذا فقدت أخاً فلم تفقد له ... دمعاً ولا صبراً فلست بفاقد
قوله: «يذهب بعض جهد الجاهد» أي بعض جهد الحزن الجاهد، أي جهد الحزن الذي قد جهدك، وهو الجاهد لك.
ولو كان استقام له أن يقول: بعض جهد المجهود لكان أحسن وأليق.
وهذا أغرب وأطرف، وقد جاء أيضاً فاعل بمعنى مفعول: قالوا عيشة راضية

الصفحة 24