كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

فأما الجلال والبهاء والهيبة وسائر ما مضى من ذلك في هذا الباب فإنه واجب في مدح الخلفاء والملوك والعظماء؛ لأنه من الأوصاف التي تخصهم، ويحسن موقع ذكرها عندهم.
وكذلك جمال الوجه وحسنه مما يجب المدح به؛ فإن الوجه الجميل يزيد في الهيبة، ويتيمن به العرب؛ لأنه يدل على الخصال المحمودة، كما أن قبح الوجه والدمامة يسقط الهيبة، ويدل على الخصال المذمومة، وذلك ما تكرهه العرب، وتتشاءم به؛ لأن أول ما تلقاه من الإنسان وتعاينه وجهه.
ألا ترى إلى قول البحتري:
أغر كبارق الغيث المرجى ... يحبب في الأباعد والأداني (1)
تخاضعت الوجوه لحسن وجه ... يدل على خلائقه الحسان
وقال في مثل ذلك:
حسن الوجه والرواء وكم د ... ل على سؤدد الشريف رواؤه (2)
ماء وجه إذا تبلج أعطا ... ك أماناً من نبوة الدهر ماؤه
يتعالى ضياؤه فيجلى ... طخية الحادث المضب ضياؤه (3)
... وقد غلط بعض المتأخرين في هذا الباب ممن ألف في نقد الشعر كتاباً غلطاً فاحشاً (4)، فذكر أن المدح بالحسن والجمال، والذم بالقبح والدمامة ليس بمدح على الحقيقة، ولاذم على الصحة، وخطأ كل من يمدح

الصفحة 368