كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وقال أيضاً:
وأنا الفداء لمرهف غض الصبا ... يوهيه حمل وشاحه وعقوده (1)
قصرت تحيته فجاد بخده ... يوم الوداع لنا، وضن بجيده
ولو استطاع لكان يوم وصاله ... للمستهام مكان يوم صدوده
أراد أنها لما قصرت تحيتها فلم تقدر (2) على السلام أعرضت فرأى خدها، فكأنها جادت لما رأته، وقد ضنت على الحقيقة بجيدها، وهو موضع العناق (3).
...
وقال أيضاً:
ما أرى البين مخلياً من وداع ... أنفس العاشقين حتى تبينا (4)
من وراء العيون كثبان رمل ... تتثنى أفنانهن فنونا (5)
وبود القلوب يوم استقلت ... ظعن الحي لو تكون عيونا
فهذا المذهب الذي سلكه البحتري أولى بالصواب في وصف النساء المفارقات، وأشبه بأحوالهن من مذهب أبي تمام في وصفه إياهن بشدة الجزع، والوله، وبكاء الدم، ولطم الوجه، والإشفاء على الهلكة، وإظهاره التجلد، وقلة الاحتفال بهن، وذلك قوله:
وقالت: أتنسى البدر؟ قلت تجلداً ... إذا الشمس لم تغرب فلا طلع البدر (6)

الصفحة 37