كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وقال أبو تمام:
لو حار مرتاد المنية لم يجد ... إلا الفراق على النفوس سبيلا (1)
قالوا: الرحيل فما شككت بأنها ... نفسي عن الدنيا تريد رحيلا
إني تأملت النوى فوجدتها ... سيفاً علي مع العدا مسلولا
قد عابه ابن عمار في قوله: «إني تأملت النوى»، وقالوا: مثل هذا الأمر الفظيع الذي مكروهه أبداً مصبوب على الخلق لا تعلم البلية فيه إلا بعد التأمل، وهذا إنكار صحيح، وليس هذا كقول البحتري:
ولقد تأملت الفراق فلم أجد ... يوم الفراق على امريء بطويل (2)
لأن مثل هذا يوجبه التأمل، وقد فسره البحتري، وذكر علته، وكأنه رد لقول أبي تمام: «يوم الفراق لقد خلقت طويلا».
وقد ذكرت ذلك مشروحاً في باب الابتداآت من هذا الباب (3).
... وقال أبو تمام:
أظله البين حتى إنه رجل ... لو مات من شغله بالبين ما علما (4)
أخذ المعنى من قول أبي الشيص:
فكم من ميتة قد مت فيها ... ولكن كان ذاك وما شعرت

الصفحة 52