كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

ابتداآتهما بذكر السهر وطول الليل
ولا أعرف في وسط كلامهما من هذا الباب شيئاً يعتد بمثله كنحو ما جاء في الشعر القديم والمحدث.
وقال أبو تمام:
أفنى، وليلي ليس يفنى آخره ... هاتا موارده فأين مصادره؟ (1)
وهذ ابتداء حسن وكلام حسن سجسج (2)، ومعنى جيد بالغ.
وقد أخذ البحتري معنى هذا الصدر فوقع دونه فقال:
له الويل من ليل بطاء أواخره ... ووشك نوى حي تزم أباعره (3)
وقد ذكرته في ابتداآت باب الفراق (4).
... وقال البحتري:
هو الظلام فلا صبح ولا شفق ... هل يطلق الليل عن عيني فأنطلق (5)
عجز هذا البيت في غاية الصحة والبراعة والحسن والحلاوة، ولكن قوله:
«والظلام فلا صبح» معنى [غير] صحيح؛ لتوقعه الصبح وهو مبطيء متأخر فما وجه قوله: ولا شفق، لأن من كان في الليل فإنما يتوقع الصبح ولا يتوقع الشفق، وأظنه أراد نحن في ظلام ولسنا في أول نهار ولا آخره.

الصفحة 69