كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

باب آخر من الابتداآت
قال أبو تمام:
متى أنت عن ذهليه الحي ذاهل ... وصدرك منها مدة الدهر آهل (1)
قوله: «ذاهل» أي منصرف، يقال: ذهلت عن الشيء بمعنى انصرفت عنه، فيقول: متى أنت عنها منصرف، وصدرك أبداً منها آهل؟ أي لا تخلو أبداً من قلبك.
وقال البحتري:
ضمان على عينيك أني لا أسلو ... وأن فؤادي من جوى بك لا يخلو (2)
فعجز هذا البيت مثل عجز [بيت] (3) أبي تمام، وهو أجود؛ لتصريحه بذكر الجوى.
وصدرا البيتين (4) مقاربان، وبيت البحتري أجود وأبرع.
وقال البحتري:
هواها على أن الصدود سبيلها ... مقيم بأكناف الحشا ما يزولها (5)
وهذا البيت أيضاً أجود من بيت أبي تمام لفظاً ومعنى.
وقال في نحو هذا:
أأفاق صب من هوى فأفيقا ... أو خان عهداً، أو أطاع شفيقا؟ (6)

الصفحة 71