كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 2)

وأول هذه القصيدة:
يا هذه أقصري ما هذه بشر ... ولا الخرائد من أترابها الأخر (1)
خرجن في خضرة كالروض ليس لها ... إلا الحلي على أعناقها زهر
بدرة حفها من حولها درر ... أرضى غرامي فيها دمعي الدرر
صب الشباب عليها وهو مقتبل ... ماء من الحسن ما في صفوه كدر
قوله: «خرجن في خضرة» فإن الخضرة ليست من ألوان ثياب نساء البادية ولا من صبغ نساء الأمصار إلا في الفرط، لا يلبس إلا أن يكون أصل لون الثوب أخضر.
وقد جعل (2) أبو تمام جميع لباس هؤلاء النسوة الأخضر، وشبهه بالروض من أجل تشبيهه الحلي بالزهر، وهو نبت حسن، وغرضه في ذكر الخضرة غرض صحيح إلا أنه غير معروف.
... وقال البحتري:
واخضر موشى البرود وقد بدا ... منهن ديباج الخدود المذهب (3)
ذكر الخضرة لأنه لم يجد لوناً غيرها؛ وذلك أن البياض ليس مما توصف به ثياب النساء، والسواد ثياب الحزن والمصائب، وقد جعل خدودهن ديباجاً مذهباً، والذهب يشتمل على لون الحمرة، والصفرة، والتوريد هو من ألوان الخد، والكحلي لا يلفظ به، والعرب لا تذكره في

الصفحة 96