كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

منزلة استقلالنا كفنانين ". وقد تنبه بلاكمور إلى أنه جار على النقد الاجتماعي حين تنكر له باسم " النقد السياسي " أي حين ابصر منه أسوأ احواله؛ ولذلك تجده يلح على ان هذه المعايير الاجتماعية تظل صحيحة ركينة ما دام يحددها برصانة ناس مثل كولي، أما أمثال غرانفل هكس وهوراس غرغوري فأنهم دائماً يسيئون استغلالها وتمثيلها. (ومن سقطات بلاكمور في هذا المقام أن يقول: " عن كانت بيرز بلاومان Piers Plowman تعالج الصراع الطبقي، فان حكايات كانتربري لم تعالج شيئاً من ذلك ". ولا مرية في أن حكايات كانتربري أدل على الصراع الطبقي من غالبية الآثار الأدبية لأنها تصور في افتتاحها انهيار الإقطاع بين الفارس وتابعه، وتتطرق إلى الفوارق الطبقية الحادة في أكثر الحكايات. ما أكثر الأمثلة التي قد يختارها بلاكمور، وكم كان من الأسلم له لو انه اختار قصيدة " قبلاي خان " أو ما أشبهها) .
ولنقل شيئاً في السخرية عند بلاكمور فان استعماله لها في كتاب " مزدوجات " غزير واسع. وتصبح لديه في أحد طرفيها نوعاً من الفكاهة (كان يقول: هذه تهمة حادة لكنها لا تجرح) وهي في الطرف الثاني تحفظ شكي حذر مترامي الأطراف. وفي الفصل الأخير من كتابه يسوي بينها وبين الفكر الحر فيقول:
توجد، لحسن الحظ، نماذج من التفكير الطليق البارئ من التقعيد؛ دعنا نتجه بأفكارنا كالمتأملين لنكحل أنظارنا بأنوار أفلاطون - في مرحلته الأولى - وبأنوار مونتين - في كل مراحل حياته -. أليس الحافز الحي والخصب في حواريات أفلاطون ومقالات مونتين إنما مردهما إلى عدم التقعيد و " الترسيم "؟ أليس أن أفلاطون - في عهده الأول - يمسك بالأفكار المتصارعة في توازن متبادل، ويقدمها لنا في

الصفحة 22