كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

بأكثر مما يستطيعه النقد في العادة، ولا ريب في أن بلاكمور يحسب دائماً حساب قرائه. وهو يتوقع ان يكون القارئ ذا فكر مدرب على تقبل الشعر أو انه " سينظر ويقرأ كأنما هو ذو فكر مدرب "، وهو يقر أن غاية النقد هي التذوق ولكنه يضيف إلى ذلك قوله في عبارة مونقة تشبه في حوكها أسلوب جيمس: " إلا أن التذوق نفسه يستطيع أن يكون ذا معايير يقيس بها صحته ورصانته، ولابد له، لكي يكون مكتملاً، من أن يدل على فهم " دائم " لغاية هي النتيجة الضرورية، بل هي الثمرة الصحيحة، لما فيه من صحة ورصانة ". وللنقد مهمتان - أولاهما - حسبما يحددها بلاكمور - هي " توسيع الافلة للخصائص الذاتية " والثانية هي الحكم على منسوب الأداء، أي بعبارة أخرى: مهمة النقد أن يحلل وان يقوم. وفي الأول يلح بلاكمور على أن يقود النقد القارئ دائماً إلى الأثر الفني؛ وهو يكتب ويقتبس دائماً اعتقاداً منه أن تحليله سيحول نظر القارئ إلى جزئيات القصيدة، لا انه يكتب للقارئ شيئاً مفهوماً يقوم مقامها ويغنيه عنها. وفي الثانية تجده يلح على أن يقرأ القارئ بفكره لا بعينه، وان يجرب الشكل والمحتوى، وان يحب الشعر من حيث هو شعر، وان يتقدم من القصيدة أما بزاد من المعرفة الواسعة أو بقدرة على بذل الجهد والصبر المصني. أي أن القارئ الذي يتصوره بلاكمور قريب الشبه من القارئ المثالي للشعر، وهو شاعر آخر أو ناقد مثل بلاكمور نفسه. ولا ريب في أن بلاكمور يدرك ندرة مثل هذا القارئ بين القراء الذين يمثلون جمهوره القلي، ولكنه مع ذلك قد يرفض ان يتنازل عن موقفه من اجل الكثرة الغالبة.
ولا يدرك وحدة كتاب " مزدوجات " إلا قارئ يحسن ترتيب المقدمات، هذا على الرغم من أن الكتاب مجموعة من المقالات العارضة والمراجعات. وهو يحوي قطعاً كبرى مثل دراسته لكمنجز وبوند وستيفنز

الصفحة 24