كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

نقد بلاكمور وتشكيله، في الاتجاه المجازي وتطبيق الإحساس والإلحاح على القيمة الرفيعة للفن بل في الأسلوب نفسه (انظر فيما تقدم جملة وصفت بأنها تشبه إنشاء جيمس، وغيرها كثير يستخرجه القارئ عفواً دون تعمد أو بحث) . ولم يفارق بلاكمور أستاذه مفارقة واضحة غلا في الموضوع، لأنه سلط تحليله على الشعر لا على النثر، ونقد آثار غيره لا آثاره نفسه، حتى لنقول: أن نقد بلاكمور هو نقد جيمس نفسه مطبقاً في مجالات أخرى.
ولا ننس تأثيرات أخرى عدا تأثير جيمس. وفي أولها وربما كان أهمها تأثير اليوت في الفكرة والأسلوب: فمثلا يفرق بلاكمور بين العاطفة في الشاعر والعاطفة في القصيدة وهي تفرقة مستمدة من اليوت. وفي بعض جمله تلمح أسلوب اليوت أيضاً وهو أسلوب جيمس نفسه، مع تكثير من المعترضات والتردد وتبسيط للتراكيب، حتى أن هذا الأسلوب ليوحي إليك (ويضلل بما يوحيه أحياناً) بان التعبير الموجز المبسط يحتوي أفكاراً معقدة دقيقة. وقد استغل بلاكمون كثيراً مما يتميز به اليوت وما يردده من مبادئ وتأثر بأسلوبه، فوضع نفسه في صف الآخذين من نقده بل انه في السنوات الأخيرة تحول مثل اليوت إلى النص على النواحي الأخلاقية. وقد شغلت باله عبارة اليوت: " الضجر والرعب والمجد " الكامنة وراء الجمال والقبح، فاقتبسها - على الأقل - أربع مرات حسبما أحصيت. ولقد بدأ بلاكمور بالثناء على اليوت سنة 1928 حين وصفه في " الكلب والنفير " " بخصوة مشذبة الحواشي في أفكاره ". وفي سنة 1944 نشر مقالا عنه بمجلة Partisan فأعلن أنه يوافقه في كثير من معتقده الذي تحدث عنه في " ملاحظ نحو تعريف الحضارة "، ويخالفه مخالفة حادة فيما جمجمت به آراؤه هنالك دون تصريح. ولذلك يمكن أن نقول أن موقف بلاكمور من اليوت كان ثابتاً لا تردد فيه، ومجمل هذا

الصفحة 27