كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

وغير منها حين دفعها لتطبع في نيويورك، فتفحصها النقاد عاجلين، ولكن ماثيسون تناولها منظماً وطبق عليها خير نقد دراسي مؤيد بقوة الخيال، ومن العسير ان نجد مثل خيراً من هذا المثل على ما يستطيع أن يفيده النقد من الجهد والداب المستقصي.
ومن النقاد الآخذين بالكد ج. ولسون نايت دون أن يوشح نقده بالتخصص الدراسي لأنه يقوم به على نحو عفوي غير عامد. وقد قام نقد نايت لشيكسبي على بحث استقصائي لم يمارسه ناقد آخر، ذلك انه جعل كل ما انتجه شيكسبير يدور على محورين: واحد يمكن ان نسميه " عاصفة " والآخر يمكن أن ندعوه " موسيقى ". فكل ما يتصل بالشتاء عاصفة وكل ما يتصل بالصيف موسيقى، وكل وحوش البحر (مثل كالبيان) عاصفة وكل الأشياء المجنحة (مثل آربل) موسيقى، والأوغاد قوى عاصفية والأبطال قوى موسيقية، والألفاظ التي هي مثل " وقر في السمع " و " صرخات " من باب العاصفة والشخصيات مثل هاملت واوفيليا موسيقى شذت نغمتها؛ بل أن الحيوانات فريقان أيضاً فمنها حيوانات موسيقية ومنها حيوانات عاصفية. وتبلغ هذه الدراسة ذروتها في " العاصفة الشيكسبيرية " حي جد نايت أن هذه القسمة موجودة في الخرافة والأسطورة وعند الأدباء ابتداء من ملفل حتى اليوت، وقد تبدو الفكرة سمجة في هذا المجمل ولكنها ناجحة من الناحية النقدية، وإذا تناول القارئ كتب نايت وهو يدير هذه الفكرة، فكرة التعارض بين العاصفة والموسيقى، فإنه يحصل على عدد كبير من صور البصيرة النافذة الأصيلة.
وحين كان هـ. ل. منكن يعمل في النقد، كان يوغل مستقصياً في بحثه ليقيم فكرة أو يثبت نقطة، وقد بلغ من جهده أن ذكر أن الطبعات الأولى من قصص كونراد كات تدر على صاحبها دخلا كبيراً أثناء حياته، وذيل على هذا القول بحاشية جمع فيها أسعار ستة عشر كتاباً من فهارس

الصفحة 37