كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

" يشبه مراوغات اللاعبين الماهرين " فراجع بلامكور كتابه " الموروث العظيم " بمجلة " الكلب والنفير " (وأدرج المراجعة من بعد في كتابه " مزدوجات ") وتوصل في تلك المراجعة إلى تحطيم جميل كامل حين بين الفكرة الأساسية في الماركسية ومدى إصابة هكس في تطبيقها، وأقتبس في آخر المراجعة جملة هكس التي قالها فيه بسخرية بارعة ودون تعليق.
ولقد بين بلاكمور أن ناقداً ديالكتياً آخر لو تناول الماركسية معتمداً على الاستقصاء في جمع مواده العلمية لوجد فيها نظاماً اقتصاديا رصيناً، ولكن هكس فقير في إطلاعه على الأدب الأمريكي. وفي أثناء المراجعة نقد مواطن الضعف في النقد الماركسي بحدة، وكما هي عادته أكد القيم التي لا يفتأ يعمل على أساسها وهي التكثير والشك والفهم التخيلي لموقف الإنسان.
ولو أردنا أن نستعير تشبيهاً نوضح به نقد بلاكمور لقلنا: إنه يشبه صورة الساحر على المسرح وهو يقطع امرأة نصفين. ويخيل للمشاهد أثناء ذلك إنها قطعت حقاً، ثم إذا بها تنهض بعد قليل كاملة سليمة لم يصبها أذى وهي تنحني للرد على تحية الجماهير. يقول بلاكمور: " أن التحليل في هذه المواطن لا يعمق الحز والقطع بل إنه لا يقطع أبداً؛ إنه يجيز الخصائص والجزئيات فحسب، ولابد من أن ترى الخصائص والجزيئات مرة أخرى في أماكنها الطبيعية قبل أن يؤتي الجهد ثمراته ". ثم يبين التشبيه على نحو أوضح في موضع آخر فيقول:
" أي شيء هو هذا (النقد) إلا أنه تجزئة، لا لكي تحنط هذه البقايا المجزأة، بل لكي نفهم عقلياً حركة الأجزاء والعلاقة فيما بينها في الجسم الحي الذي نحبه. فمثل هذه التجزئة إذن خيالية، تدركها العين والفكر وحدهما، ولكنها تجلي معرفتنا دوم أن تحدث في ذلك الجسم

الصفحة 44