كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

غير كافية إلا إذا تمخضت عن ثالث. فالحرب والسلام يحتاجان مظهراً ثالثاً مثلما يحتاج السائل والثلج بخاراً، مثلما تحتاج الجنة والنار مكاناً ثالثاً يسمى " الأعراف ". من الازدواج يجيء التولد، وهذه هي طبيعة العقل الخلاق.
أما المصطلح الذي أخذ يكثر من استعماله في تلك المرحلة، فإنه يضم كفتي " الخيال " و " الخيال الرمزي "؛ أما " العقل " فقد أحتل منزلة دنيا. فمثلا يقول: الوحدة عند بيتس وحدة " تخيلية " نتجت عن " قوة تخيلية عظيمة قادرة على التعميم " أو: الخيال وأعني به خيال الفنان يعلو على المخاوف والمغريات " أو: " الخيال لا العقل حسنة من حسنات الفهم " العقل يأثم والخيال يكفر الآثام؛ " حركات العقل عارضة متقطعة " أما الخيال " فهو مستمر وهو إرادة الأشياء "؛ والفنان يخلق قيماً أخلاقية " من الواقعي بعون من الخيال ". و " الخيال في النهاية هو المقنع الوحيد " وهلم جراً؛ وهذه أمثلة منتزعة من مقالات عديدة مختلفة.
ويتصل بفكرته عن الخيال، نقده لبابت وأصحاب النزعة الإنسانية؛ فأخطاؤهم في رأيه تنشأ من " انحلال الخيال المسيحي، ومن خلو الخيال الرمزي الديني من أي وصف " وإن ذلك لا علاج له إلا باتخاذ " الخيال الرمزي " فهو يمثل " النعمة الكبرى " وإذا شئنا استبقاء النزعة الإنسانية وجب أن نمزج بين عناصرها وهذا الخيال الرمزي. بل أن بلاكمور يقترح في المناهج التي تقرر في برنستون أن تكون قادرة على أن توجد في الطلبة " تكاملا تخيلياً ". وقال في محاضرة له عن بروكس آدمز: إن بروكس قد نضج لأنه تحول من القانون التاريخي المطلق وصرامته إلى قوة تخيلية مدركة للتاريخ إدراكاً عاماً كلياً. وفي مقاله " ملاحظ في أربع مقولات في النقد " تجده جعل رابعة المقولات وأسماها، هي " الخيال الرمزي "، وإن " الرمز " هو الذي يستشف من " الواقعي " فهو

الصفحة 48