كتاب النقد الأدبي ومدارسه الحديثة (اسم الجزء: 2)

فالغموض عند إمبسون نوع من " السخرية المسرحية " يحيط في أحد طرفيه بكل ما في المأساة من كمال، ويدل في الطرف الثاني على نقص الصنعة الروائية الرديئة. وهو يقر بأن " هذه الأساليب قد تستعمل لاتهام الشاعر بأنه يحمل آراء مختلطة، لا لمدح التركيب في نظام فكره " ثم يعلن عن المعيار الذي يصلح للتمييز بين أنواع الغموض الجيدة والرديئة فيقول:
يكون الغموض محترماً ما دام يسند تعقيد الفكر أو لطافته أو اكتنازه، أو ما دام ندحة يستغلها الأديب ليقول بسرعة ما قد فهمه القارئ. ثم هو لا يستحق الاحترام إن كان وليد ضعف أو ضحالة في الفكر ويبهم الأمر دون داع؟ أو عندما لا تتوقف قيمة العبارة على ذلك الغموض بل يكون مجرد وسيلة لتوجيه المادة وتصريفها وذلك إن كان القارئ لا يفهم الأفكار التي اختلطت، وأنطبع لديه شيء من عدم الاتساق.
وعلى رغم ذلك يرى إمبسون إن الغموض يحتشد على وجه التدقيق في مراكز أعظم التأثير الشعري، ويولد صفة يسميها هو " التوتر " وقد نسميها الهزة الشعرية نفسها، يقول:
أكثر أنواع الغموض التي وقفت عندها هنا تبدو لي جميلة. وأعتقد إني بالكشف عن طبيعة الغموض قد كشفت بالأمثلة المضروبة عن طبيعة القوى التي هي كفاء بأن تربط جوانبه وتضم عناصره، وأحب أن أقول هنا - من ثم - إن مثل هذه القوى المتصورة تصوراً مبهماً ضرورية لقيام الكيان الكلي للقصيدة، وإنها لا يمكن أن تفسر عند الحديث عن الغموض بأنها مكملة له. غير أن الحديث عن الغموض

الصفحة 56