كتاب ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب (اسم الجزء: 2)

تود الْعُيُون أَن تَتَخَطَّى حُدُودهَا القاصية، فَلَا تطِيق، والركائب الزاكية، أَن تشرف على غاياتها، فيفضل عَن مراحلها الطَّرِيق، قد خللها أرزاقا، تغص بهَا الخزائن والأطباق، وحبوبا مفضلة لَا يرزأها الإنفاد والإنفاق، وَلَو تعاهدت على انتسافها الْآفَاق. فخففنا فِي سَبِيل الله لتعقيب غَزْو تِلْكَ الأقطار الْمُخَالفَة، بمحق الصائفة، وإذابة تِلْكَ الطَّائِفَة، بعلوم المجاع الحائفة، خفوفا لم يقنع فِيهِ بالاستنابة، حرصا على استيصال الطبابة، وأعفينا الرجل من اتِّصَال الكد، وقابلنا قبولهم على استصحابنا فِيهَا بِالرَّدِّ، وأطللنا على قرطبة بمحلينا، ننتسف جبال النعم نفسا، وَنعم الأَرْض زلزالا وخسفا، ونستقر فِي مواقع الْبذر إحراقا، ونخترق أجواها الْمُخْتَلفَة بحب الحصيد اختراقا، ونسلط عَلَيْهَا من شرار النَّار أَمْثَال الْجمال الصفر، مدت من الشواظ إعناقا، ونوسع الْقرى الواسعة قثلا واسترقاقا، وندير على [متديرها] أكواس الحتوف دهاقا، وَأخذت النيرَان واديها الْأَعْظَم من جانبيه، حَتَّى كَأَن القيون أحمت سبيكته فاستحالت، وأذابت صفيحته فسالت، وَأَتَتْ للْكفَّار سماؤهم بالدخان الْمُبين، وَصَارَت الشَّمْس من بعد صفورها وَعُمُوم نورها، منقبة الْمحيا، مقطبة الجبين، وخضنا أحشاء الفرنتيرة نعم أشتات النعم انتسافا، وأقوات أَهلهَا إتلافا، وآمال سكانها إخلافا، وَقد بهتُوا لسرعة الرُّجُوع، ودهشوا لوُقُوع الْجُوع، وتسبيب تخريب الربوع، فَمن الْمُمكن الْبعيد أَن يَتَأَتَّى بعد عمرائها الْمَعْهُود، وَقد اصطلم الزَّرْع واجتثت الْعود، وَصَارَ إِلَى الْعَدَم مِنْهَا الْوُجُود، وَرَأى من عزايم الْإِسْلَام خوارق تشذ عَن نطاق العوايد، وعجايب يستريب فِيهَا عين الْمشَاهد، إِذْ اشْتَمَل هَذَا الْعَام المتعرف

الصفحة 26