كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

كيفيتها، ولكنا نعلم يقينا أن موسى قد مات، وعلى هذا النحو نحمل بقية الأحاديث إذا فرض صحتها، وإلا فدون ذلك خرط القتاد.
فصل في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة
فيقال أصل دليلكم في ذاك حجتنا عليكم وهي ذات بيان
إن الشهيد حياته منصوصة ... لا بالقياس القائم الأركان
هذا مع النهي المؤكد أننا ... ندعوه ميتا ذاك في القرآن
ونساؤه حل لنا من بعده ... والمال مقسوم على السهمان
هذا وأن الأرض تأكل لحمه ... وسباعها مع أمة الديدان
لكنه مع ذاك حيّ فارح ... مستبشر بكرامة الرحمن
فالرسل أولى بالحياة لديه مع ... موت الجسوم وهذه الأبدان
وهي الطرية في التراب وأكلها ... فهو الحرام عليه بالبرهان،
ولبعض أتباع الرسول يكون ذا ... أيضا وقد وجدوه رأي عيان
فانظر إلى قلب الدليل عليهم ... حرفا بحرف ظاهر التبيان
الشرح:
فيقال لهؤلاء أن ما جعلتموه أصلا لدليلكم وهو حياة الشهداء قد أصبح حجة عليكم لا لكم، وبيان ذلك أن حياة الشهيد ثابتة بالنص في قوله تعالى بَلْ أَحْياءٌ وليس ثبوتها بالقياس المستوفى لأركانه، كما ورد النهي الصريح في القرآن عن تسمية الشهيد ميتا في قوله تعالى ولا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ [البقرة: 54] ومع ذلك فلم تقتض هذه الحياة شيئا مما جعلتموه دليلا على حياة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في قبره، فإن نساءه- أي الشهيد- حلال لنا بعد موته وماله مقسوم بين ورثته ولحمه تأكله الأرض وسباع الوحش والطير وجماعة الديدان. ومع ذلك فهو حي كما أخبر اللّه، فرح مستبشر بكرامة اللّه

الصفحة 12