كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

لكن رؤيته لموسى ليلة الم ... عراج فوق جميع ذي الأكوان
يرويه أصحاب الصحاح جميعهم ... والقطع موجبة بلا نكران
ولذاك ظن معارضا لصلاته ... في قبره إذ ليس يجتمعان
وأجيب عنه بأنه أسرى به ... ليراه ثم مشاهدا بعيان
فرآه ثم وفي الضريح وليس ذا ... بتناقض إذ أمكن الوقتان
هذا ورد نبينا التسليم من ... يأتي بتسليم مع الإحسان
ما ذاك مختصا به أيضا كما ... قد قاله المبعوث بالقرآن
من زار قبر أخ له فأتى بتس ... ليم عليه وهو ذو إيمان
رد الإله عليه حقا روحه ... حتى يرد عليه رد بيان
وحديث ذكر حياتهم بقبورهم ... لما يصح وظاهر النكران
فانظر إلى الإسناد تعرف حاله ... إن كنت ذا علم بهذا الشأن
الشرح:
وإذا لم يصح حديث رؤيته عليه السلام لموسى قائما يصلي في قبره للاختلاف في وقفه ورفعه، فإن رؤيته له في السماء السابعة ليلة المعراج متفق عليه فقد رواه جميع أصحاب الصحاح، ولذلك كان مفيدا للقطع بدون نكير.
و قد ظن بعض الناس أنه معارض لصلاته في قبره، إذ لا يعقل ان يكون في ليلة واحدة قد رآه في قبره يصلي، ثم رآه بعد ذلك في السماء، وأجيب عن هذا بأنه لا تناقض بين رؤيته له في قبره وبين رؤيته له بعد ذلك في السماء لاختلاف الوقتين. وقد صلى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في بيت المقدس، ثم عرج به بعد ذلك إلى السماء ولم يقل أحد أن صلاته في بيت المقدس تناقض وجوده في السماء، فإن هذا بعد هذا لا معه، وإنما التناقض وقوع الأمرين جميعا في وقت واحد بعينه.
و أما احتجاج القائلين بحياته صلّى اللّه عليه وسلّم في قبره برده السلام على من يسلم عليه من أمته فهو إن صح «1» حجة عليهم، فقد جاء في الحديث «ما من أحد يسلم عليّ إلا رد اللّه عليّ روحي فأرد عليه السلام» فقوله إلّا رد اللّه علي روحي يدل على
__________________________________________________
(1) أخرجه أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة، وذكر له صاحب اللآلي شواهد كثيرة.

الصفحة 17