كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

و الرابع من أنواع التركيب هو تركب الجسم من هيولى هي محل وصورة حالة فيها، ويعرفون الهيولي بأنها جوهر في الجسم قابل لما يعرض له من الاتصال والانفصال ومحل للصور الجسمية والنوعية. وأما الصورة فهي ما به يكون الشي ء بالفعل أو بعبارة أخرى هي جوهر في الجسم مقوم لمادته ومخرج لها من القوة إلى الفعل.
و هذا مذهب أرسطو الفيلسوف اليوناني وتبعه عليه الفارابي وابن سينا وغيرهما من فلاسفة المسلمين، وهو مذهب أشد بطلانا من مذهب المتكلمين، فهل يلزم واحد من هذين النوعين من التركيب على القول بثبوت الصفات للّه وعلوه على خلقه؟ سبحانه وحاشاه، فهو المنزه عن كل هذه الأنواع من التركيبات التي لا تليق بذاته المقدسة، وإنما تتصف بها المحدثات الناقصة.
والحق أن الجسم ليس مركبا ... من ذا ولا هذا هما عدمان
والجوهر الفرد الذي قد أثبتو ... ه في الحقيقة ليس ذا إمكان
لو كان ذلك ثابتا لزم المحا ... ل لواضح البطلان والبهتان
من أوجه شتى ويعسر نظمها ... جدا لأجل صعوبة الأوزان
أ تكون خردلة تساوي الطود في الأ ... جزاء في شي ء من الأذهان
إذ كان كل منهما اجزاؤه ... لا تنتهي بالعد والحسبان
وإذا وضعت الجوهرين وثالثا ... في الوسط وهو الحاجز الوسطاني
فلأجله افترقا فلا يتلاقيا ... حتى يزول إذا فيلتقيان
ما مسه إحداهما منه هو المم ... سوس للثاني بلا فرقان
هذا محال أو تقول بغيره ... فهو انقسام واضح التبيان
الشرح:
والحق أن الجسم ليس مركبا لا من الجواهر الفردة كما يقول المتكلمون، ولا من الهيولي والصورة كما يقول الفلاسفة، بل لا وجود لشي ء من

الصفحة 28