كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

الشرح:
يناقش المؤلف رحمه اللّه هؤلاء النافين للصفات بحجة التركيب في معاني التركيب الستة السابقة، وأيها يصح أن يسمى تركيبا وأيها لا يصح، فيقول ان المعنيين الأولين للتركيب، وهما التركب من أمور متباينة أو أمور متجاورة لا ينازع أحد في صدق مفهوم التركيب عليهما لفظا وعقلا، وجميع الأعيان الخارجية انما يرجع التركيب فيها الى واحد من هذين النوعين.
و أما الاوسطان، أعنى التركب من جواهر فردة غير قابلة للقسمة أو من هيولى وصورة، فهما اللذان تنازع الفلاسفة والمتكلمون في تركب الجسم منهما، فذهب المتكلمون الى الاول والفلاسفة الى الثاني، وذهب النظام من المعتزلة الى تركبه من أجزاء غير متناهية، وأما المعنيان الآخران للتركيب، أعني التركب من الذات والصفات أو من الماهية ووجودها، فهما اللذان دارت رحى الحرب عليهما بيننا وبين المعطلة النفاة، فهم جعلوا وصفه سبحانه بالعلو على خلقه، ووصفه كذلك بجميع صفاته العليا التي تثبت له بالعقل والنقل القطعيين من جملة التركيب المحال ثم نفوا مضمونها من غير برهان ولا دليل، فجعلوا اصطلاحهم في تسمية هذا المعنى تركيبا سلما لهم الى النفي والتعطيل، ونحن ننازعهم في تسمية هذا المعنى تركيبا، اذ لا يدل على ذلك شي ء من نقل ولا لغة، ولئن سلمنا لهم اصطلاحهم في تسميته تركيبا، فلا نسلم لهم أنه تركيب محال، فان التركب من ذات واحدة وصفات لا ينافي التوحيد بأي حال.
لكن اذا قيل اصطلاح حادث ... لا حجر في هذا على انسان
فنقول نفيكم بهذا الاصطلا ... ح صفاته هو أبطل البطلان
وكذاك نفيكم به لعلوه ... فوق السماء وفوق كل مكان
وكذاك نفيكم به لكلامه ... بالوحي كالتوراة والقرآن
وكذاك نفيكم لرؤيتنا له ... يوم المعاد كما يرى القمران
وكذاك نفيكم لسائر ما أتى ... في النقل من وصف بغير معان

الصفحة 34