كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)
(أنه صلّى اللّه عليه وسلّم حين يستأذن على ربه فيؤذن له، ويرى الرب سبحانه، يخر ساجدا عن يمين العرش، ويفتح اللّه عز وجل عليه من الثناء في ذلك الوقت ما لم يكن يحسنه في هذه الدنيا، فيقال له: ارفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع) وثناؤه على ربه في هذا الوقت انما يكون طبعا بذكر أوصاف الكمال المستوجبة لحمده لا بالسلوب والاعدام، كما يقوله هؤلاء الجهلة الفاقدون لكل معرفة باللّه وصفاته، تعالى اللّه عما يقولون علوا كبيرا.
و العقل دل على انتهاء الكون أجمعه إلى رب عظيم الشأن
وثبوت أوصاف الكمال لذاته ... لا يقتضي إبطال ذا البرهان
والكون يشهد أن خالقه تعا ... لى ذو الكمال ودائم السلطان
وكذاك يشهد أنه سبحانه ... فوق الوجود وفوق كل مكان
وكذلك يشهد أنه سبحانه الم ... عبود لا شي ء من الأكوان
وكذاك يشهد أنه سبحانه ... ذو حكمة في غاية الإتقان
وكذاك يشهد أنه سبحانه ... ذو قدرة حي عليم دائم الإحسان
وكذاك يشهد أنه الفعال ح ... قا كل يوم ربنا في شان
وكذاك يشهد أنه المختار في ... أفعاله حقا بلا نكران
وكذاك يشهد أنه الحي الذي ... ما للممات عليه من سلطان
وكذاك يشهد أنه القيوم قا ... م بنفسه ومقيم ذي الأكوان
وكذاك يشهد أنه ذو رحمة ... وإرادة ومحبة وحنان
وكذاك يشهد أنه سبحانه ... متكلم بالوحي والقرآن
وكذاك يشهد أنه سبحانه ال ... خلاق باعث هذه الأبدان
لا تجعلوه شاهدا بالزور والت ... عطيل تلك شهادة البطلان
الشرح:
وقد دل دليل العقل على أن الكون كله مستند في وجوده إلى الرب جل شأنه، فإن العالم بجميع أجزائه ممكن، ولا شي ء من الممكنات يمكن أن