كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

تقوله الفلاسفة، ويشهد له بالاختيار تنوع الأشياء وتكثر الموجودات وكذاك تشهد له بأنه الحي الذي الحياة صفة ذاته فلا يطرأ عليها عدم ولا فناء، فإن ما بالذات لا يسلب. وبأنه القيوم القائم بنفسه المستغني عن كل ما سواه وكل ما سواه فإنه لا قيام له إلا به، وبأنه ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل خلقه.
و الإرادة النافذة التي لا يعوقها عن مرادها عائق، وبأنه ذو محبة وحنان ولطف وامتنان، وبأنه متكلم سبحانه بكلام يسمعه من يشاء من خلقه فهو متكلم بالوحي والقرآن، وبأنه الخلاق العليم الذي يبعث الناس ويخرجهم من قبورهم أحياء للجزاء والحساب حسبما تقتضيه حكمته وعدالته.
هكذا تشهد الموجودات لربها جل شأنه بأنه موصوف بكل صفات الكمال فويل للمعطلة الذين يشهدون على ربهم شهادة الزور، ويجعلون كونه ربا للموجودات مقتضيا للتعطيل ونفي الصفات.
وإذا تأملت الوجود رأيته ... إن لم تكن من زمرة العميان
بشهادة الاثبات حقا قائما ... للّه لا بشهادة النكران
وكذاك رسل اللّه شاهدة به ... أيضا فسل عنهم عليم زمان
وكذاك كتب اللّه شاهدة به ... أيضا فهذا محكم القرآن
وكذلك الفطر التي ما غيرت ... عن أصل خلقتها بأمر ثان
وكذا العقول المستنيرات التي ... فيها مصابيح الهدى الرباني
أ ترون أنا تاركو ذا كله ... لشهادة الجهمي واليوناني
هذي الشهود فإن طلبتم شاهدا ... من غيرها سيقوم بعد زمان
إذ ينجلي هذا الغبار فيظهر ال ... حق المبين مشاهدا بعيان
فإذا نفيتم ذا وقلتم أنه ... ملزوم تركيب فمن يلحاني
إن قلت لا عقل ولا سمع لكم ... وصرخت فيما بينكم بأذان
هل يجعل الملزوم عين اللازم ال ... منفى هذا بيّن البطلان

الصفحة 40