كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

و الزبرجد عليها الشهداء والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول اللّه عز وجل: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك، فيقول قد رضيت عنكم ولكم ما تمنيتم ولديّ مزيد، فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة».
و ذكر أبو نعيم من حديث المسعودي عن المنهال عن أبي عبيدة عن عبد اللّه قال: «سارعوا إلى الجمعة في الدنيا، فإن اللّه تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة في كل جمعة على كثيب من كافور أبيض فيكونون منه سبحانه في القرب على قدر سرعتهم إلى الجمعة، ويحدث لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك، فيرجعون إلى أهليهم وقد أحدث لهم.
فالسابقون إلى الصلاة يوم الجمعة هم السابقون في الذهاب إلى اللّه عز وجل يوم المزيد الذي هو يوم زيارة الرب تعالى، والمتأخرون هنا متأخرون هناك جزاء وفاقا.
و كذلك الأقربون إلى الامام في يوم الجمعة يكونون هم أهل الزلفى والقرب عند اللّه، فقربهم هناك بحسب قربهم من الامام، وبعدهم بحسب بعدهم كذلك.
و لهم هناك في هذا الوادي الذي يسمى وادي المزيد منابر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد والذهب وأدناهم منزلة وليس فيهم دني ء ولا ناقص يجلسون على كثبان المسك ولا يجدون لأهل المنابر فضلا عليهم، فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى ويطلب إليهم أن يسألوه.
و قد ذكرنا فيما سبق محاضرة الرب جل شأنه لهم، وأنه يسأل أحدهم فيقول يا فلان ابن فلان أ لم تفعل كذا يوم كذا- من غدراته في الدنيا- فيقول يا رب أ لم تغفره لي؟ فيقول بلى فمغفرتي لك التي أوصلتك إلى ما أنت فيه.

الصفحة 426