كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)
و الحجر عليه لأنه غبن في دراهم معدودات وو اللّه لو أن بصائر القلوب مفتوحة تشهد هذه الحقائق وتتدبرها لكان شأننا غير هذا الشأن، فإن من الحمق والسفه قياس فان بباق، ولو جاز لنا أن نقيس لقلنا أن هذا العيش في عيش الآخرة كنفس واحد من الأنفاس، فهو متاع خسيس لا وفاء لأهله ولا حفاظ على مودة ولا رعاية لعشير أو شريك، فيا موله القلب في حب الدنيا أ ما لك معتبر فيمن مضى قبلك من عشاقها وقد شهدت مصارعهم وسمعت عنها، ولكن على تبصير منك غشاوة وعلى قلبك غطاء من النسيان.
وأخو البصائر حاضر متيقظ ... متفرد عن زمرة العميان
يسمو إلى ذاك الرفيق الأرفع الأ ... على وخلى اللعب للصبيان
والناس كلهم فصبيان وإن ... بلغوا سوى الأفراد والوحدان
واذا رأى ما يشتهيه قال مو ... عدك الجنان وجد في الأثمان
واذا أبت الا الجماح أعاضها ... بالعلم بعد حقائق الإيمان
ويرى من الخسران بيع الدائم ال ... باقي به يا ذلة الخسران
ويرى مصارع أهلها من حوله ... وقلوبهم كمراجل النيران
حسراتها هن الوقود فإن خبت ... زادت سعيرا بالوقود الثاني
جاءوا فرادى مثل ما خلقوا بلا ... مال ولا أهل ولا اخوان
ما معهم شي ء سوى الأعمال فه ... ي متاجر للنار أو لجنان
تسعى بهم أعمالهم سوقا إلى الد ... ارين سوق الخيل بالركبان
صبروا قليلا فاستراحوا دائما ... يا عزة التوفيق للإنسان
حمدوا التقى عند الممات كذا السرى ... عند الصباح فحبذا الحمدان
وحدت بهم عزماتهم نحو العلى ... وسروا فما نزلوا إلى نعمان
باعوا الذي يفنى من الخزف الخسي ... س بدائم من خالص العقيان
رفعت لهم في السير اعلام السعا ... دة والهدى يا ذلة الحيران
فتسابق الأقوام وابتدروا لها ... فتسابق الفرسان يوم رهان