كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

تلتفتوا إلى قول من يجرحهم أو يطعن فيهم، وقولوا له أن عدالتهم قطعية قد حكم بها الحكام وقبلها القضاة، فالطعن فيها مستحيل، ومن أراد أن يقدح في عدالتهم فليستند على ظهر متين.
فصل في حال العدو الثاني
أو حاسد قد بات يغلي صدره ... بعداوتي كالمرجل الملآن
لو قلت هذا البحر قال مكذبا ... هذا السراب يكون بالقيعان
أو قلت هذي الشمس قال مباهتا ... الشمس لم تطلع إلى ذا الآن
أو قلت قال اللّه قال رسوله ... غضب الخبيث وجاء بالكتمان
أو حرف القرآن عن موضوعه ... تحريف كذاب على القرآن
صال النصوص عليه فهو بدفعها ... متوكل بالدأب والديدان
فكلامه في النص عند خلافه ... من باب دفع الصائل الطعان
فالقصد دفع النص عن مدلوله ... كيلا يصول اذا التقى الزحفان
الشرح:
وأما الصنف الثاني من الخصوم فهو حاسد شانئ قد رأى تفوق المؤلف في العلم وبزه للأقران، فامتلأ قلبه منه بالحسد والشنآن وباتت مراجل غيظه تغلي منه كغلي المرجل الملآن، فجعل همه ووكده دفع كلامه وردّه ولو كان في غاية الوضوح والبيان وكان صدقه باديا للعيان، فلو قال هذا هو البحر، لقال هذا العدو الكاشح إنه ليس بحرا، بل هو سراب بقيعة، ولو قال هذه الشمس طالعة تملأ الأفق، لقال هذا الخبيث مباهتا إننا لا نزال بليل وأن الشمس لم تطلع بعد، ولو أورد المؤلف النصوص من الكتاب والسنة محتجا بها، عمد هذا الشرير إلى كتمانها أو حرّف الكلم عن مواضعه تحريف مكذب بها، فهو يخشى صولة النصوص على آرائه المتهافتة فيبادر إلى ردها.
و يجعل ذلك هجيراه وديدنه، فكلامه في النص بالتحريف والتأويل عند

الصفحة 457