كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)

أو كان حيا في الضريح حياته ... قبل الممات بغير ما فرقان
ما كان تحت الأرض بل من فوقها ... واللّه هذي سنة الرحمن
أ تراه تحت الأرض حيا ثم لا ... يفتيهم بشرائع الايمان
ويريح أمته من الآراء ... والخلف العظيم وسائر البهتان
أم كان حيا عاجزا عن نطقه ... وعن الجواب لسائل لهفان
وعن الحراك فما الحياة اللات قد ... أثبتموها أوضحوا ببيان
الشرح:
ولأجل ما لزم هؤلاء المعطلة من انتفاء الرسالة بانتفاء الحياة حاول أنصار هذا المذهب أن يرقعوه بما اختلقوا من مفتريات ليدفعوا عنه هذه الالزامات فزعموا أن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم حي في قبره، كما كان فوق الأرض تماما رغم وجوده تحت أطباق التراب واقامة الجدران المبنية باللبن عليه، وهذا زعم باطل لا أساس له، فانه لو كان عليه السلام حيا في ضريحه كحياته قبل موته من غير فارق بينهما لما ساغ بقاؤه تحت الأرض، بل يجب أن يعيش فوقها. فهذه سنة اللّه في خلقه ان الموتى هم الذين يدفنون تحتها، وأما الأحياء فيعيشون على ظهرها. وكيف يكون تحت الأرض حيا، ثم لا يفتي أصحابه فيما أشكل عليهم من شرائع الايمان ويريحهم مما وقع بينهم من خلاف وينبههم على ما جد بينهم من بدع ومفتريات وقد اختلف أصحابه بعد موته في كثير من المسائل التي كانوا يحتاجون فيها الى قوله الحاسم. أم تقولون أنه كان حيا ولكنه كان عاجزا عن النطق وعن رد الجواب لمن سأله متلهفا على سماع ذلك منه. وكان كذلك عاجزا عن الحركة والنهوض. فما هي اذا تلك الحياة التي أثبتموها له اذا لم تقتض حسا ولا حركة ولا كلاما؟ دلونا على كنهها ان كنتم صادقين.
هذا ولم لا جاءه أصحابه ... يشكون بأس الفاجر الفتان
اذ كان ذلك دأبهم ونبيهم ... حيّ يشاهدهم شهود عيان
هل جاءكم أثر بأن صحابه ... سألوه فتيا وهو في الأكفان

الصفحة 5