كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)
يد من أذن له بالشفاعة، ومع هذا فلا يأذن سبحانه لأحد أن يشفع الا فيمن رضي قوله وعمله من أهل الاخلاص والمتابعة، كما في قوله عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة «اسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله الا اللّه خالصة من قلبه».
و قد نزه اللّه سبحانه نفسه عن مشاركة أحد له في واحد من هذه الأمور الثلاثة التي هي الملك والشركة معه فيه والمعاونة له والشفاعة عنده بغير اذنه، في قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ ولا فِي الْأَرْضِ وما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ولا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: 22، 23] فقطع بهذه الآية كل سبب يتوسل به المشركون لدعوة غيره.
و كذلك ينفى عنه سبحانه اتخاذ الصاحبة والولد الذي نسبه إليه النصارى عابدو الصلبان والصابئة الذين يقولون ان الملائكة بنات اللّه. وقد رد اللّه عز وجل على كل من زعم أن له ولدا في غير آية من كتابه، فقال في سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ التي تعدل ثلث القرآن: لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الاخلاص: 3، 4].
و قال في آخر سورة بني اسرائيل: وقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ [الإسراء:
111].
و في أول سورة الكهف: ويُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ولا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [4، 5].
و في آخر سورة مريم عليها السلام وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً [88، 93] الى غير ذلك من