كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 2)
و بالجملة فليس أحد مساويا للّه تعالى أو مماثلا أو معينا أو مشيرا أو محتاجا إليه بوجه من الوجوه.
والأول التنزيه للرحمن عن ... وصف العيوب وكل ذي نقصان
كالموت والاعياء والتعب الذي ... ينفى اقتدار الخالق الديان
والنوم والسنة التي هي أصله ... وعزوب شي ء عنه في الأكوان
الشرح:
هذا هو القسم الأول من قسمي السلب المنفى عن اللّه، وهو السلب المتصل الذي يقوم على تنزيهه سبحانه عن الاتصاف بكل ما يضاد كماله من النقائص والعيوب، والغرض من هذا السلب كما قدمنا انما هو ثبوت صفات الكمال له على أكمل وجه وأتمه، فسلب الموت والاعياء عنه مستلزم لثبوت كمال حياته وقدرته، قال تعالى وتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:
58] وقال ولَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ والْأَرْضَ وما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ [ق: 38] فانه لو اتصف بشي ء من هذا النقص لكان ناقص القدرة، وكذلك سلب النوم والسنة التي هي النعاس عنه يستلزم اثبات كمال حياته وقيوميته، قال اللّه تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ [البقرة: 255].
و في الحديث الذي رواه أبو موسى الاشعري رضي اللّه عنه «ان اللّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام» وكذلك سلب الجهل، والنسيان عنه يقتضي اتصافه بالعلم الكامل المحيط بكل ما في السموات والأرض وبما يسر العباد ويعلنون فلا يعزب عنه مثقال ذرة من ذلك، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ ءٌ فِي الْأَرْضِ ولا فِي السَّماءِ [آل عمران: 5].
و كما قال: عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ ولا فِي الْأَرْضِ ولا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ ولا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [سبأ: 3].